في عصر التطور التكنولوجي السريع، أصبح الذكاء الاصطناعي سلاحًا ذا حدين، يمكن استخدامه لتعزيز حقوق الإنسان أو للتضييق عليها. في إيران، تشير التقارير الحديثة إلى أن السلطات تبنت تقنيات الذكاء الاصطناعي، ليس لتعزيز الأمن أو تحسين حياة المواطنين، ولكن لتوسيع نطاق القمع ضد النساء، خاصة فيما يتعلق بفرض الحجاب الإجباري ومراقبة الاحتجاجات.
مراقبة متقدمة: من الكاميرات إلى الطائرات المسيرة
كشف تقرير للأمم المتحدة عن استخدام برامج التعرف على الوجه في إيران، مثل تلك المنتشرة في جامعة أمير كبير في طهران، لرصد النساء اللاتي لا يلتزمن بقواعد الحجاب الإجباري. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل لجأت السلطات إلى توظيف الطائرات بدون طيار في شوارع العاصمة، بهدف تحديد هوية المتظاهرات واعتقالهن.
حتى وقت قريب، كان الهروب من شرطة الأخلاق هو التحدي الأكبر للنساء في إيران، أما الآن، فقد أصبحت المراقبة الجوية عاملًا جديدًا يزيد من صعوبة التملص من قبضة السلطات، مما يعكس مدى التطور التكنولوجي الذي يتم استغلاله لملاحقة المعارضين بدلًا من استخدامه في تحسين حياة المواطنين.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي: الإدانة بنقرة واحدة
أحد أخطر التطورات في هذا المجال هو اعتماد تطبيقات الهاتف المحمول التي تُستخدم للإبلاغ عن النساء غير الملتزمات بالحجاب. هذا التطبيق، الذي أصبح في متناول الشرطة والأشخاص المخولين من قبل السلطات، يتيح للمستخدمين رفع تقارير تتضمن أرقام لوحات السيارات، وتحديد مواقعها، وإرسالها مباشرة إلى الجهات الأمنية.
لم يقتصر الأمر على النساء، بل شهد التطبيق تحديثات مستمرة، حيث بات من الممكن الإبلاغ عن السائقين “غير الملتزمين” داخل سيارات الأجرة، سيارات الإسعاف، وحتى الحافلات. هذا التوسع يعكس استراتيجية منهجية لمضاعفة أدوات القمع، مما يكرس مناخًا من الخوف والترهيب في المجتمع الإيراني.
التكنولوجيا كأداة للسيطرة بدلًا من التحرر
في معظم دول العالم، يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي على أنه فرصة لتعزيز الحريات وتطوير المجتمعات، ولكن في إيران، يبدو أن هذه التكنولوجيا قد تحولت إلى أداة لتعزيز القمع وكبح الأصوات المعارضة. فبدلًا من استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في تحسين الخدمات أو حماية المواطنين، يتم تسخيرها لتضييق الخناق على الحريات، وخاصة حرية النساء.
إن هذا الاستخدام القمعي للذكاء الاصطناعي في إيران يعكس توجهاً أوسع نحو تعزيز المراقبة وتقييد الحريات، مما يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل الحقوق المدنية في ظل هذا التطور التكنولوجي المتسارع. فهل يمكن أن يكون هناك رادع دولي لهذا الاستغلال المتزايد للتكنولوجيا؟ أم أن هذه الأدوات ستواصل تطورها لتصبح أكثر قدرة على خنق الأصوات الحرة في إيران وغيرها من الأنظمة السلطوية؟