على مدار أكثر من عام، شنَّ المتمردون الحوثيون في اليمن هجمات متكررة على السفن التجارية والحربية في البحر الأحمر، مستخدمين الصواريخ، الطائرات المسيّرة، والزوارق السريعة المفخخة. وقد أدت هذه العمليات إلى تعطيل التجارة العالمية في واحد من أكثر ممرات الشحن ازدحامًا في العالم.
تحت ذريعة التضامن مع الفلسطينيين في غزة، استهدف الحوثيون سفناً على بعد 100 ميل من السواحل اليمنية، مما استدعى ردود فعل من القوات الأمريكية والإسرائيلية التي شنت غارات جوية انتقامية. ورغم توقف الهجمات إلى حد كبير بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في يناير الماضي، إلا أن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن الحوثيين ربما حصلوا على تقنيات جديدة تزيد من قدرات طائراتهم المسيّرة، مما قد يمنحهم ميزة تكتيكية إذا استؤنفت المواجهات.
وفقًا لتقرير صادر عن مركز أبحاث التسلح في الصراعات، فإن الحوثيين بدأوا باستخدام خلايا وقود الهيدروجين في تشغيل طائراتهم المسيّرة، وهي تقنية توفر مزايا عديدة، منها زيادة مدى الطيران، حيث يمكن للطائرات المسيّرة الحوثية التقليدية، التي تعمل ببطاريات الليثيوم أو محركات الاحتراق، التحليق لمسافة تصل إلى 750 ميلاً، لكن مع تقنية الهيدروجين، يمكن أن يتضاعف هذا المدى ثلاث مرات. كما أن هذه التقنية تخفض البصمة الحرارية والصوتية، حيث تُصدر خلايا وقود الهيدروجين حرارة وضوضاء أقل، مما يجعل اكتشاف الطائرات المسيّرة عبر أجهزة الاستشعار أكثر صعوبة. بالإضافة إلى ذلك، فإن إمكانية إعادة الاستخدام تجعلها أكثر فعالية، وهي تقنية تُستخدم بالفعل في الطائرات العسكرية بدون طيار، مثل تلك التي تستخدمها وزارة الدفاع الأمريكية.
كشفت التحقيقات أن مكونات خلايا وقود الهيدروجين التي يستخدمها الحوثيون تم تصنيعها من قبل شركات صينية، حيث تم تهريب خزانات الهيدروجين المضغوط تحت تصنيف خاطئ بأنها أسطوانات أكسجين. ورغم أن شحنات الأسلحة الحوثية كانت تأتي عادةً من إيران، إلا أن هذا الاكتشاف قد يشير إلى سلسلة إمداد جديدة، مما قد يزيد من استقلالية الحوثيين عن داعميهم التقليديين.
في أغسطس الماضي، اعترضت قوات المقاومة الوطنية اليمنية قاربًا محملًا بأسلحة متنوعة، تضمنت صواريخ مدفعية موجهة، محركات أوروبية الصنع لصواريخ كروز، رادارات وأجهزة تتبع للسفن، مئات الطائرات المسيّرة التجارية، وأجزاء خلايا وقود الهيدروجين.
تُظهر هذه التطورات أن الحوثيين قد يستمرون في تطوير قدراتهم العسكرية، مما قد يشكل تهديدًا جديدًا للتجارة الدولية والقوات البحرية في البحر الأحمر. ومع تزايد الاعتماد على الطائرات المسيّرة طويلة المدى، قد نشهد تحولًا في طبيعة المواجهات العسكرية في المنطقة. ويبقى السؤال: هل ستتمكن القوى الإقليمية والدولية من احتواء هذا التهديد قبل أن يؤثر بشكل أكبر على الأمن العالمي؟