في واحدة من أخطر اللحظات التي واجهها نظام بشار الأسد منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، كاد الرئيس السوري الهارب أن يقع في قبضة فصائل المعارضة المسلحة، لولا تدخل روسي عاجل في اللحظة الأخيرة، بعد اكتشاف محاولة اختراق من داخل دائرته الأمنية الضيقة.
وتكشف معلومات حصرية حصلت عليها ” ميدل ايست بوست ” أن الواقعة تعود إلى فجر يوم الأحد 8 ديسمبر 2024، في تمام الساعة الثانية صباحًا، حين تمّ إجلاء الأسد على وجه السرعة من العاصمة دمشق إلى محافظة اللاذقية الساحلية، ومنها إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية، التي تخضع لحماية كاملة من الجيش الروسي.
استخبارات روسية ترصد خيانة داخل القصر
التحرك السريع سبقه تحذير عاجل من جهاز الاستخبارات العسكرية الروسية، الذي أبلغ بشكل مباشر وحدة الحماية الخاصة للأسد بأن هناك محاولة تسلل أمني جارية.
وبحسب المصادر، تمكن الروس من اعتراض اتصال مشفر من هاتف محمول يعود لأحد مرافقين الأسد الشخصيين، كان بصدد التنسيق مع أحد أفراد عائلة المرافق، بغرض تأمين قناة اتصال سرية مع غرفة عمليات هيئة تحرير الشام المتمركزة في إدلب.
الهدف من هذا الاتصال، بحسب التحقيقات الأولية، كان تمرير إحداثيات دقيقة لموقع تواجد الأسد داخل قصر الشعب، تمهيدًا لتنفيذ عملية استهداف أو اختطاف، من شأنها أن تُنهي فعليًا وجود رأس النظام السوري.
عملية الإجلاء: الثانية فجرًا من دمشق إلى الساحل
عند الساعة الثانية فجرًا، نُقل الأسد سرًا تحت حراسة روسية مشددة من أحد المداخل الخلفية للقصر الرئاسي في دمشق إلى مطار المزة العسكري، ومنه مباشرة إلى قاعدة حميميم الروسية في ريف اللاذقية.
شهود عيان في محيط القاعدة أكدوا سماع أصوات تحليق مروحيات روسية بشكل غير معتاد فجر ذلك اليوم، قبل أن يتم تطويق المنطقة بالكامل ومنع أي حركة مدنية أو إعلامية.
مصير المرافق “الخائن”: غامض
أما المرافق المتهم بتسريب الموقع، فقد اختفى فور اعتقاله من طرف وحدة أمنية روسية خاصة، ولم يتم الإعلان رسميًا عن مصيره حتى الآن. وتشير مصادر مطلعة إلى أنه ربما تعرض للتصفية الميدانية فور التأكد من تورطه في الاتصال بالمعارضة، بينما ترجّح مصادر أخرى أنه محتجز داخل منشأة روسية سرية بغرض التحقيق معه بعيدًا عن الأجهزة السورية.
ارتباك داخل أجهزة النظام… والروس يتولون الملف الأمني
تسبب الحادث في حالة فوضى داخلية غير مسبوقة في أروقة النظام، خاصة أن الاختراق جاء من داخل “دائرة الثقة المطلقة”. وتم اتخاذ إجراءات صارمة، منها إعادة توزيع الطاقم الأمني المقرّب من الأسد بالكامل، وتكليف ضباط روس بالإشراف المباشر على حمايته الشخصية، مع تقليص أي احتكاك مباشر مع عناصر سورية.
وتشير تقارير إلى أن طهران فوجئت بما جرى، وأن القرار الروسي بإجلاء الأسد تم دون أي تنسيق مع المستشارين الإيرانيين الذين وجدوا أنفسهم خارج دائرة القرار.
خاتمة: الأسد نجا… لكن إلى متى؟
حادثة محاولة تسليم موقع بشار الأسد لقوى معارضة تُظهر هشاشة النظام من الداخل، وكشف أن الخطر لم يعد فقط في ميادين القتال أو في العقوبات الدولية، بل في قلوب الحلقات الأمنية التي طالما اعتبرها النظام “محصّنة بالولاء”.
الأسد نجا في اللحظة الأخيرة، لكن بقاءه بات مرتبطًا كليًا بالحماية الروسية… لا بالحاضنة المحلية، ولا بالمؤسسات الأمنية التي بدأت تتآكل من الداخل.
خاتمة: الأسد نجا… لكن في عزلة خانقة
حادثة محاولة تسريب موقع بشار الأسد لم تكن مجرد اختراق أمني عابر، بل كشفت عن هشاشة الطبقة الحامية لرأس النظام، وعمق التآكل داخل البنية الصلبة التي طالما اعتمد عليها الأسد للبقاء.
منذ ذلك اليوم، تؤكد تقارير استخباراتية متعددة أن الأسد يعيش تحت حراسة أمنية مشددة ومحدودة الصلاحيات، يشرف عليها مباشرة ضباط روس، فيما تُدار اتصالاته ضمن نطاق ضيّق ومراقب بعناية، سواء مع أفراد عائلته أو ما تبقى من قادة النظام.
محاولاته الأخيرة للتواصل مع قيادات أمنية وعسكرية سابقة فارة من النظام، لا تزال داخل الأراضي السورية، باءت بالفشل، بعد أن رفضت تلك القيادات التجاوب معه أو العودة إلى الخدمة، مدركة حجم الانهيار وفقدان السيطرة.
وما هو أكثر إحراجًا، بحسب مصادر دبلوماسية عربية، أن الأسد حاول فتح قناة اتصال سرية مع أحد الزعماء العرب في محاولة لكسب مخرج سياسي أو ضمانة شخصية، لكنه لم يتلقَّ أي رد، في مؤشر واضح على أن العزلة لم تعد دولية فقط، بل بدأت تأخذ طابعًا عربيًا داخليًا.
الأسد نجا من القبض عليه بلحظات، لكنّه اليوم يعيش معزولًا في دائرة ضيقة من الحماية، فاقدًا السيطرة، بلا نفوذ حقيقي، ولا حتى من يصغي لمحاولاته البائسة للبقاء.