تتعرض السلطة الوطنية الفلسطينية لحملة مركّبة تستهدف النيل من شرعيتها وإضعاف قدرتها على حماية المشروع الوطني الفلسطيني، خصوصًا في الضفة الغربية. الاحتلال الإسرائيلي لا يخفي نواياه الحقيقية: يسعى إلى تقويض أي شكل من أشكال الحكم الفلسطيني المستقل، وتحويل الضفة إلى مربعات معزولة تحكمها إدارات محلية تحت وصاية أمنية مشددة.
محاولات الاحتلال لتشويه دور السلطة تأتي في سياق أوسع من السعي لخلق واقع جديد على الأرض: تكثيف الاستيطان، تقسيم المدن والقرى الفلسطينية، وتحويل المخيمات مثل جنين وطولكرم إلى مجرد أحياء تابعة للمراكز الحضرية الكبرى دون أي وضع قانوني أو رمزية وطنية مستقلة. كل هذه السياسات تندرج ضمن خطة إسرائيلية شاملة تهدف إلى إنهاء فكرة الدولة الفلسطينية قبل أن تتبلور مجددًا على الساحة الدولية.
الهوية الوطنية الفلسطينية
في خضم هذه المؤامرة، تبرز السلطة الفلسطينية باعتبارها خط الدفاع الأول عن الهوية الوطنية الفلسطينية. ورغم كل الضغوط، فإن وجود السلطة اليوم يظل عاملًا أساسيًا في منع الاحتلال من فرض مخططاته بالكامل. فهي، رغم كل التحديات، ما زالت قادرة على تمثيل الفلسطينيين دوليًا، وعلى إبقاء القضية الفلسطينية حيّة في المحافل الأممية.
ويجب على السلطة الفلسطينية تفعيل القرارات الوطنية التي أُقرت في المجلسين الوطني والمركزي عام 2015، بما في ذلك إعادة تعريف العلاقة مع إسرائيل ووقف التنسيق الأمني الذي يستخدمه الاحتلال غطاءً لتمرير مشاريعه الاستعمارية.
أيضا، يجب على السلطة أن تطلق طاقات الشعب الفلسطيني من خلال تعزيز الجبهة الداخلية. لا يمكن مواجهة مخططات الاحتلال إلا بإرادة جماهيرية صلبة، تتجلى في مقاومة مدنية وشعبية شاملة على امتداد الضفة الغربية.
إنجاز وطني
الرهان على المجتمع الدولي وحده لم يعد مجديًا. الرهان الحقيقي يجب أن يكون على الشعب الفلسطيني نفسه، وعلى إرادته الصلبة، وعلى وحدة قيادته التي يمثلها مشروع السلطة الوطنية إذا ما استعاد زخمه الوطني.
السلطة الفلسطينية ليست خصمًا لشعبها كما يحاول الاحتلال تصويرها، بل هي إنجاز وطني يجب صيانته وتطويره ليصبح رأس حربة في معركة الحرية والاستقلال.