في خطوة تثير تساؤلات حول النوايا الأمريكية في منطقة القطب الشمالي، كشفت تقارير صحفية عن تكثيف واشنطن لجهودها الاستخباراتية في غرينلاند، في إطار مساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاستحواذ على الجزيرة. هذا التطور، الذي أوردته صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلاً عن مصادر مطلعة، يضع أجهزة الاستخبارات الأمريكية في قلب حملة سياسية واستراتيجية تثير جدلاً واسعاً.
وفقاً للصحيفة، أصدر مسؤولون رفيعو المستوى في إدارة مديرة المخابرات الوطنية آنذاك، تولسي غابارد، “رسالة جماعية” موجهة إلى رؤساء وكالات الاستخبارات، تضمنت توجيهات لجمع معلومات معمقة حول حركة استقلال غرينلاند، والمواقف المتعلقة باستغلال الموارد الأمريكية في الجزيرة. الرسالة، التي وصفت بأنها سرية، طلبت من الوكالات، بما في ذلك وكالة المخابرات المركزية ووكالة استخبارات الدفاع ووكالة الأمن القومي، تحديد الشخصيات المؤثرة في غرينلاند والدنمارك التي قد تدعم الأهداف الأمريكية المتعلقة بالجزيرة.
هذا التوجيه الاستخباراتي، الذي يُعد خطوة ملموسة في سياق طموحات ترامب المعلنة، يعكس تحولاً في أولويات أجهزة الاستخبارات الأمريكية، حيث يتم توجيه الموارد والاهتمام نحو هدف سياسي واستراتيجي محدد. ويؤكد هذا الأمر، الذي يستهدف جزيرة تتمتع بحكم ذاتي وتتبع للدنمارك، العضو في حلف شمال الأطلسي، على التزام الإدارة الأمريكية الظاهر بالسعي للسيطرة على هذه المنطقة الحيوية.
ردود الفعل على هذه التقارير كانت متباينة، حيث رفض جيمس هيويت، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، التعليق على مسائل الاستخبارات، لكنه أكد على قلق الولايات المتحدة بشأن أمن غرينلاند والقطب الشمالي. من جانبها، اتهمت غابارد صحيفة “وول ستريت جورنال” بمساعدة “عناصر الدولة العميقة” في تقويض الرئيس، من خلال تسريب معلومات سرية.
طموحات ترامب المعلنة بشراء أو ضم غرينلاند، التي تبلغ مساحتها 836 ألف ميل مربع، أثارت استياءً واسعاً في الدنمارك وبين سكان غرينلاند. هذه الخطوة، التي تمثل تحولاً جذرياً في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، تثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذه المساعي، وما إذا كانت تتعلق بالموارد الطبيعية الهائلة في الجزيرة، أو بموقعها الاستراتيجي في منطقة القطب الشمالي، التي تشهد تنافساً متزايداً بين القوى الكبرى.
تكثيف الجهود الاستخباراتية الأمريكية في غرينلاند يضع المنطقة في دائرة الضوء، ويزيد من حدة التوترات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، خاصة الدنمارك. كما يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات الأمريكية مع سكان غرينلاند، الذين يتمتعون بحكم ذاتي ويسعون للحفاظ على هويتهم الثقافية والسياسية. في ظل هذه التطورات، يظل مستقبل غرينلاند وموقعها في التوازنات الدولية موضع ترقب وتحليل.