في حلقة جديدة من مسلسل النزاعات الإقليمية، تبادلت الفلبين والصين اتهامات حادة بشأن مواجهة بحرية وقعت بالقرب من جزيرة سكاربورو المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي. هذه الواقعة الأخيرة تضاف إلى سجل طويل من الخلافات بين البلدين الجارين حول السيادة على هذه المنطقة الاستراتيجية الغنية بالموارد.
فبينما اتهم الجيش الفلبيني سفينتين تابعتين للبحرية الصينية بالقيام بتحركات “عدوانية وغير آمنة” تجاه دورية بحرية فلبينية بالقرب من الجزيرة المتنازع عليها، قدمت الصين رواية مغايرة تماماً للحادث. فقد زعم الجيش الصيني، عبر بيان صادر عن قيادة مسرح العمليات الجنوبي، أن الفرقاطة الفلبينية هي التي “حاولت التعدي” على المياه المحيطة بالجزيرة، مؤكداً أنه قام بإعداد قوات بحرية وجوية لتعقب السفينة الفلبينية و”طردها”.
تعد جزيرة سكاربورو، التي سميت على اسم سفينة بريطانية جنحت عليها قبل ثلاثة قرون تقريباً، واحدة من أكثر المناطق البحرية حساسية في آسيا. فهي ليست مجرد بقعة جغرافية متنازع عليها، بل تمثل نقطة اشتعال دبلوماسي بسبب المطالبات المتضاربة بالسيادة عليها وحقوق الصيد في محيطها.
وقد أعرب الجيش الفلبيني عن قلقه البالغ إزاء الحادثة، محذراً في بيان رسمي من أن “سلوكاً تهديدياً واستفزازياً كهذا قد يؤدي إلى سوء فهم وقد يزيد التوتر ويؤثر على الاستقرار الإقليمي”. هذا التحذير يعكس المخاوف المتزايدة في مانيلا من أن تؤدي مثل هذه المواجهات البحرية إلى تصعيد غير مقصود قد تكون له عواقب وخيمة على الأمن الإقليمي.
من جهتها، تصر الصين على موقفها الثابت بشأن السيادة على بحر الصين الجنوبي بأكمله تقريباً، متجاهلة مطالبات دول أخرى في المنطقة مثل بروناي وإندونيسيا وماليزيا والفلبين وفيتنام. وقد رد المتحدث باسم مسرح العمليات الجنوبي الصيني، تيان جونلي، على الاتهامات الفلبينية بحدة، مؤكداً أن “(جزيرة سكاربورو) هي أراضٍ صينية خالصة”، مطالباً الجانب الفلبيني بـ”التوقف فوراً عن انتهاكه واستفزازه وتكهناته المزيفة”.
وأضاف جونلي بلهجة حازمة: “قوات مسرح العمليات في حالة تأهب قصوى طوال الوقت للدفاع بحزم عن السيادة الوطنية والحقوق والمصالح البحرية، وللحفاظ على الاستقرار والسلام في منطقة بحر الصين الجنوبي”. هذا التصريح يعكس تصميم بكين على عدم التهاون في الدفاع عما تعتبره أراضيها ومصالحها البحرية في المنطقة.
تبادل الاتهامات الأخير بين الفلبين والصين يسلط الضوء على استمرار التوتر في بحر الصين الجنوبي، المنطقة التي تعتبر نقطة ساخنة جيوسياسياً نظراً لأهميتها الاستراتيجية والاقتصادية. وبينما تسعى دول المنطقة والقوى الكبرى إلى الحفاظ على الاستقرار، فإن مثل هذه المواجهات البحرية المتكررة تزيد من المخاوف من احتمال حدوث تصعيد غير محسوب العواقب.