نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، شريط فيديو دعائيًا يظهر فيه الرهينتان الإسرائيليتان إلكانا بوخبوط ويوسف حاييم أوهانا، اللذان تحتجزهما الحركة منذ عملية السابع من أكتوبر. ويأتي نشر الفيديو ضمن سلسلة مواد إعلامية مماثلة بثتها حماس خلال الأشهر الأخيرة، في إطار ما وصفته تل أبيب بـ”الحرب النفسية الممنهجة”.
الفيديو، الذي بُث مساء السبت، تضمن لقطات مركّزة على الحالة الجسدية والنفسية للرهينتين، دون الكشف عن توقيت التصوير أو مكان الاحتجاز. وتجنبت كتائب القسام الإدلاء بأي تصريحات مرافقة للفيديو، في ما بدا أنه تحرك محسوب يهدف إلى إبقاء ملف الرهائن في واجهة الحدث السياسي والأمني داخل إسرائيل.
وفي ردّ فعل سريع، دعا “منتدى أهالي المخطوفين والمفقودين” وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى الامتناع عن نشر الفيديو أو أي صور منه دون موافقة مسبقة من عائلات الرهائن، في محاولة لحماية مشاعرهم ومنع توظيف تلك المشاهد في الصراع السياسي القائم. وأصدر المنتدى بيانًا قال فيه: “نعاني من ألم دائم لا يُحتمل، ونرفض أن يُستخدم أبناؤنا أداة في معارك إعلامية أو حزبية”.
تزامنًا مع نشر الفيديو، تصاعدت وتيرة الاحتجاجات في تل أبيب ومدن إسرائيلية أخرى، حيث تجمّع آلاف المتظاهرين قرب مقر وزارة الدفاع، مطالبين حكومة بنيامين نتنياهو بإبرام صفقة تبادل عاجلة تعيد الرهائن إلى ديارهم. ورفع المحتجون شعارات مناوئة لرئيس الوزراء، متهمين إياه “بالتقاعس والتلاعب بملف إنساني بالغ الحساسية”.
تتخذ هذه التظاهرات بُعدًا متجددًا مع كل فيديو جديد تنشره حماس، إذ يرى مراقبون أن الضغط الشعبي بات يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار الائتلاف الحكومي، الذي يواجه انتقادات داخلية متزايدة بشأن فشل المساعي لتحرير الرهائن، وكذلك بشأن استمرار الحرب في غزة دون أفق واضح للحسم.
ويأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل جمودًا واضحًا، وسط تبادل الاتهامات بين الجانبين بعرقلة جهود الوسطاء الدوليين، لا سيما قطر ومصر والولايات المتحدة.
وتشير التقديرات الأمنية الإسرائيلية إلى أن حماس لا تزال تحتجز أكثر من 130 رهينة، وتستخدمهم كورقة تفاوضية بالغة التأثير، فيما تحاول إسرائيل تحقيق تقدم عسكري في غزة يعزز موقفها التفاوضي، وهو ما يبدو أنه لم يُترجم بعد إلى إنجازات ملموسة على الأرض.
وفي ظل هذا التصعيد الإعلامي الممنهج من جانب حماس، باتت حكومة نتنياهو أمام خيارات محدودة؛ فإما الانخراط في مفاوضات تؤدي إلى صفقة تبادل جديدة على غرار “صفقة شاليط”، أو الاستمرار في التصعيد العسكري دون ضمانات حقيقية بعودة الرهائن أحياء، ما يجعل الغضب الشعبي الداخلي مرشحًا لمزيد من التصاعد في الأسابيع المقبلة.