المعارضة الإسرائيلية بقيادة يائير لبيد تتحرك في لحظة سياسية بالغة الحساسية، مستغلة التوترات المتفاقمة حول ملف الرهائن المحتجزين في غزة لتوجيه ضربات سياسية مباشرة إلى حكومة نتنياهو، التي تواجه انتقادات متصاعدة من الداخل الإسرائيلي، سواء من عائلات الرهائن أو من المؤسسة العسكرية والأمنية.
تصريحات لبيد الأخيرة، بعد استعادة جثة تسفي فلدمن، تحمل رسالة سياسية واضحة: لا يمكن للحكومة أن تكتفي بإنجاز جزئي أو رمزي، بينما العشرات لا يزالون في الأسر، وتلوح في الأفق مخاوف من أن بعضهم لن يعود حيًا.
فشل استخباراتي وعسكري
المعارضة تدرك تمامًا أن قضية الرهائن تمثل الورقة الأضعف لنتنياهو حاليًا. فهي تمس الشارع الإسرائيلي بشكل مباشر، وتُعبّر عن فشل استخباراتي وعسكري لا تزال تداعياته تتفاعل منذ السابع من أكتوبر. هذا الفشل يوفر للمُعارضة منصة شعبية لمهاجمة نتنياهو، في وقت يضعف فيه موقفه داخليًا بسبب الانقسامات داخل حكومته، وتصاعد الضغوط الأميركية والدولية لوقف الحرب، وبدء مسار سياسي جديد في غزة.
ورقة الرهائن لا تُستخدم فقط للمطالبة بإعادة الأسرى، بل باتت تُستخدم كدليل على عجز الحكومة الحالية عن تحقيق نتائج ملموسة في أصعب الملفات. المعارضة، بقيادة لبيد، تُحاول تحويلها إلى عنصر ضغط شعبي، مدعومة بمظاهرات متكررة وبتضامن من عائلات المحتجزين، خاصة مع الشعور المتنامي بأن الحكومة الحالية توظّف الحرب لأجندات سياسية داخلية، على حساب مصير أبنائهم.
المعركة السياسية داخل إسرائيل
ومع ذلك، فإن فرص الإطاحة بنتنياهو تبقى معقدة. فالمعارضة لا تملك حتى الآن كتلة برلمانية كافية لتفكيك الحكومة دون تحالفات داخل المعسكر اليميني، وهو أمر غير مرجّح في المدى القريب بسبب تماسك الكتلة اليمينية حول ملفات الأمن والاستيطان. لكن التأثير السياسي للمعارضة لا يُستهان به؛ فهو يُضعف موقف نتنياهو تدريجيًا، ويُعمق الانقسام داخل إسرائيل، خاصة إن استمر الفشل في استعادة الرهائن، وارتفعت أعداد القتلى أو المفقودين.
الرهائن اليوم ليسوا مجرد ورقة إنسانية أو أمنية، بل أصبحوا نقطة ارتكاز في المعركة السياسية داخل إسرائيل. والمعارضة تدرك أنها، مع الوقت، قد تبني زخمًا سياسيًا كافيًا لتقويض شرعية الحكومة أمام الشارع، خصوصًا إذا تواصلت الضغوط الدولية وتعثّرت مفاوضات إنهاء الحرب.
بالتالي، فإن قدرة المعارضة على الإطاحة بنتنياهو ليست مؤكدة بعد، لكنها تتزايد مع كل إخفاق حكومي جديد، ومع كل يوم يُحتجز فيه الرهائن دون أفق للعودة.