تعيش العاصمة الليبية “طرابلس” أجواءا ساخنة، بعد تصاعد التوتر والاشتباكات بين قوات تابعة لحكومة الوحدة الوطنية من جانب، وقوات جهاز الردع وقوات من المنطقة الغربية داعمة لها من جانب آخر، وهو ما أدى إلى سقوط ضحايا وسط دعوات لوقف إطلاق النار.
بداية الأحداث
وترجع بدابة الأحداث منذ مقتل عبد الغني الككلي، حيث بدأت الاشتباكات بعد مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي، المعروف بـ”غنيوة”، في عملية تصفية وُصِفت بالأمنية المعقدة داخل معسكر التكبالي، مقر اللواء 444 قتال.
وبعد هذه الحادثة، انتشرت قوات من جهاز الردع في بعض مداخل مدينة طرابلس، وتمركزت في طريق الشط المؤدي إلى مطار معيتيقة الدولي، مقر الجهاز، وجزيرة فشلوم، وشارع الغبرة، واستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، مما أثار حالة من الخوف والهلع بين السكان المدنيين.
تجدد الاشتباكات
وتجددت الاشتباكات في الساعات الأولى من صباح أمس الأربعاء، في عدد من أحياء العاصمة الليبية طرابلس، وهو ما استدعى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، جميع الأطراف إلى وقف الاقتتال فورًا واستعادة الهدوء.
وأعربت البعثة عن قلقها البالغ إزاء تفاقم الوضع الأمني في طرابلس، مع اشتداد القتال بالأسلحة الثقيلة في الأحياء المدنية ذات الكثافة السكانية العالية.
وسقطت قذيفة مدفعية على حي سكني بمنطقة السبعة جنوب العاصمة، كما أعلن جهاز الشرطة القضائية فرار عدد من السجناء من سجن الجديدة جراء الاشتباكات التي شهدتها العاصمة.
وقامت قوات من مدينة الزاوية، غرب طرابلس، بإطلاق النار نحو قوات حكومة الوحدة الوطنية، وذلك لتخفيف الضغط على قوات الردع وسط المدينة.
وتبادلت القوات المتصارعة مناطق السيطرة خلال الساعات الماضية شمال العاصمة وجنوبها، وقد أسفرت الاشتباكات عن سقوط قتلى وجرحى وخسائر في الممتلكات العامة والخاصة.
تعليق العمل والدراسة
من جانبها، أعلنت بلدية طرابلس المركز تأجيل الامتحانات وتعليق الدراسة وإيقاف العمل ليوم الأربعاء في ضوء التوتر الأمني بالمنطقة.
وكانت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية الليبية، قد أعلنت السيطرة على كامل منطقة أبوسليم جنوب العاصمة طرابلس، كما حذرت السلطات من اندلاع حرب شوارع وارتفاع وتيرة التوتر الأمني.
ورغم ذلك، مازالت الاشتباكات مستمرة في بعض مناطق العاصمة الليبية طرابلس مستمرة، خاصة مع تعليق الملاحة الجوية من وإلى مطار معيتيقة الدولي جراء الاشتباكات الدائرة في العاصمة الليبية.
تعليق الهلال الأحمر
من جانبه، أعلن الهلال الأحمر الليبي حالة الطوارئ في طرابلس ورفع درجة التأهب إلى المستوى الأقصى، وقال إنه ملتزم بتأمين الدعم الإنساني بروح المسؤولية والحياد التام.
وقال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، إنه يجب توحيد الجبهة الداخلية والالتفاف حول مشروع وطني يقطع الطريق أمام الفوضى، مؤكدا أن الوقت الراهن يتطلب أعلى درجات الحكمة والانضباط الوطني.
وأضاف “المنفي” أن الحفاظ على السلم الاجتماعي بالعاصمة مسؤولية جماعية لا يمكن التفريط فيها.
ودعا المجلس البلدي في “طرابلس المركز” كافة الأطراف لتحكيم العقل وحماية المدنيين بعد تصاعد وتيرة الاشتباكات في المدينة.
مستقبل الصراع
ويأتي هذا التصعيد في ظل استمرار الجمود السياسي في البلاد، حيث كانت ليبيا قد خططت لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في ديسمبر 2021، إلا أنها أُرجئت إلى أجل غير مسمى بسبب الخلافات بين الأطراف الليبية المتنازعة، ويطالب الكثيرون بحل سلمي للنزاع، ينهي حالة الفوضى والاقتتال في ليبيا، فيما يرى البعض أن المجتمع الدولي مطالب بالضغط على الأطراف الليبية لوقف الاقتتال والجلوس إلى طاولة المفاوضات، ليبقى مستقبل ليبيا غامضًا، في ظل استمرار الصراعات والتوترات بين مختلف الأطراف.