من الصعب بل من المستحيل، أن يبقى شعب وسط قصف الطائرات العسكرية والمدافع، دون وجود مأوى أو كثرة خبز، ولكن هذا هو الواقع المرير الذي يعيشه شعب غزة، الذي يتحمل ثمن أخطاء حركة حماس الكارثية، ويواجه حربًا من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي، لا أحد يعرف متى ستنتهي.
وفي خضم الصراع القائم بين «حماس» وإسرائيل، يواجه سكان غزة مأساة غير مسبوقة، من نقص حاد في إمدادات الغذاء والمستلزمات الطبية، وتدمير شبه كامل للمستشفيات، وسط حالة من العجز التام للمجتمع الدولي، الذي يكتفي بدور «المتفرج»، أمام جرائم الإبادة الجماعية.
عواقب الضربة الحمساوية
عام ونصف تقريبًا، مر على أحداث 7 أكتوبر، التي كانت سببًا رئيسًا في حالة الفوضى والدمار ،الذي لحق بقطاع غزة. من المؤكد أن «حماس» كانت تدرك أن إسرائيل لن تصمت أمام الهجوم على مواطنيها، ولكن الحركة أرادت أن تحقق نصرًا تحت ستار «المقاومة»، دون النظر إلى حجم العواقب، التي قد تنجم عن الضربة الحمساوية.
تدرك «حماس» جيدًا سقوط قادتها في الحرب، هو ثمن طبيعي للمقاومة، ولكن الأخطر من ذلك، أن تتعامل مع سكان غزة بمثل هذا المنطق، الذي دفع ثمنه آلاف الأرواح من المدنيين، في حرب غير مسبوقة على القطاع، الذي تحول إلى أكوام من الركام.
دمار شامل
انقلاب «حماس» على السلطة الفلسطينية، وانفرادها بحكم غزة، أحدث شرخًا عميقًا، في مسار القضية الفلسطينية، وما وصل إليه قطاع غزة من دمار شامل في كافة مناحي الحياة، هو نتيجة أطماع الانفراد بالحكم، دون التفكير في مسار سياسي، لايجاد حل نهائي للصراع مع إسرائيل.
على مدار أشهر من الحرب، كانت هناك محاولات مضنية من جانب مصر وقطر، لوقف إطلاق النار، بعد شلال الدم الذي روى أرض غزة، من أجساد آلاف الشهداء، وأمام المشاهد المروعة، كان ينبغي على «حماس»، أن تُبدي مرونة، من أجل التوصل إلى هدنة ولو مؤقته، ووضع مصلحة سكان غزة في أولوياتها، ولكن ما حدث عكس ذلك، وتركت الحركة «شعب غزة» في مرمى نيران جيش الاحتلال.
صفقة عيدان
المشهد السياسي في غزة بات معقدًا للغاية، لرغبة نتنياهو في تحقيق انتصار شخصي، يواجه به الضغوط الهائلة، التي يتعرض لها من جانب المعارضة الإسرائيلية من جانب، وأسر الرهائن المحتجزين لدى حماس من جانب آخر. أيضًا تدرك حماس أن مصيرها بات مهدد، لذلك تحاول أن تخرج من تلك الأزمة، دون المساس بكيانها وسلطتها على غزة.
«حماس» تدرك جيدًا أن الولايات المتحدة، محور رئيسي في الصراع القائم، لذلك ناورت بورقة الأسير الأمريكي «عيدان ألكسندر»، وقررت الإفراج عنه، وهو ما لاقى ترحيبًا من الرئيس الأمريكي ترامب، لذلك تحاول «حماس» استغلال ورقة «عيدان»، وتتفاوض مع الولايات المتحدة، للضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار.
بين رغبة نتنياهو الخبيثة، وأطماع «حماس» في الاحتفاظ بالسلطة، يبقى «شعب غزة» ضحية الحرب المدمرة، وهو الأمر الذي أحدث حالة من الغضب الشديد لدى «الغزاويين»، الذين أصحبوا يدركون أن «حماس» تستخدمهم كدروع بشرية، أمام العدوان الإسرائيلي، بالإضافة إلى أنهم لا يجدون أفق واضح لمستقبل غزة، الذي أصبح مهدد وغير معلوم، خاصة وأن الحرب لن تنتهي طالما هناك أطماع من طرفي الصراع.