تشهد محافظة سلفيت شمالي الضفة الغربية المحتلة، منذ أيام، تصعيدًا إسرائيليًا غير مسبوق، تمثل في سلسلة من الاعتداءات المنظمة نفذتها قوات الاحتلال والمستوطنون، ضمن سياسة عقاب جماعي ممنهجة، تهدف إلى تفريغ الأرض من سكانها الأصليين، وتوسيع المشروع الاستيطاني في قلب الضفة الغربية، لا سيما في المنطقة التي تعرف بمثلث التماس الاستيطاني بين نابلس، سلفيت، ورام الله.
عقاب جماعي ممنهج وتوسيع استيطاني
وأغلقت قوات الاحتلال الطرق الرئيسية والفرعية في عدة بلدات بالمحافظة، فيما واصلت جرافات الاحتلال أعمال تجريف موسعة في أراضي المواطنين، تمهيدًا لتوسيع مستوطنة “بروخين” المقامة على أراضي بلدة بروقين غربي سلفيت.
كما اقتحمت قوات الاحتلال بلدة كفر الديك غربي المحافظة، وشرعت في تنفيذ عمليات دهم وتفتيش للمنازل، تخللتها اعتداءات جسدية على الأهالي واعتقال عدد من الشبان. وشهدت البلدة حالة من التوتر الشديد نتيجة العنف المفرط الذي استخدمته القوات الإسرائيلية، وسط عمليات تفتيش دقيقة امتدت لساعات، واستهدفت منازل تقع في محيط المنطقة الغربية.
مستوطنون يحرقون 15 مركبة
وفي تصعيد خطير وغير مسبوق، أحرق مستوطنون متطرفون ما لا يقل عن 15 مركبة فلسطينية في مناطق متفرقة من سلفيت ونابلس، في مشهد يعكس انفلاتًا منظمًا ضمن منظومة إرهاب مستوطنين تحظى بدعم غير معلن من جيش الاحتلال. وقال شهود عيان إن حريقًا كبيرًا اندلع قرب المنطقة الصناعية المجاورة لبلدة بروقين، عقب قيام مستوطنين برش مواد مشتعلة على المركبات وإحراقها بشكل متعمد.
وفي منطقة المسعودية غربي نابلس، هاجم مستوطنون حارس بئر مياه يتبع لبلدية نابلس، وأضرموا النار في مركبته، في ظل غياب أي تدخل من قوات الاحتلال التي كانت تتمركز على مقربة من موقع الحادثة.
فرض حصار وعمليات تفتيش
ومنذ مساء الأربعاء، يفرض الجيش الإسرائيلي حصارًا مشددًا على بلدة بروقين، بالتزامن مع عملية تمشيط وتحقيقات واسعة النطاق في أعقاب عملية إطلاق نار أدت إلى مقتل مستوطنة وإصابة زوجها بجروح خطيرة. وخلال هذه العملية، تم تسجيل عشرات الانتهاكات بحق السكان من مداهمات واعتداءات وتخريب ممنهج للممتلكات، وسط حالة من القلق والذعر تسود صفوف المواطنين.
تزامن مع الحرب على غزة
ويأتي هذا التصعيد في سلفيت والضفة الغربية عمومًا، بالتوازي مع حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، والتي أوقعت حتى الآن ما لا يقل عن 967 شهيدًا في الضفة وحدها، وأدت إلى إصابة نحو 7000 فلسطيني، واعتقال أكثر من 17 ألفًا، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويؤكد المراقبون أن سياسة العقاب الجماعي في سلفيت، التي تشمل إحراق الممتلكات وتجريف الأراضي والاعتقالات التعسفية، تنذر بتصعيد أكبر يهدف إلى إحداث تغيير ديمغرافي قسري في المناطق التي تعتبر هدفًا مباشرًا للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي.