شكلت الاغتيالات التي حدثت في صفوف قادة حركة حماس، ضربات موجعة لكيان الحركة، وهناك أنباء تُشير إلى اغتيال القيادي محمد السنوار وعدد من عناصر حماس، في عملية عسكرية بقطاع غزة. ولكن لم يتم تأكيد تلك الأنباء من جانب الحركة. ويأتي ذلك ضمن التحوّلات العسكرية والسياسية التي طرأت على المشهد الفلسطيني – الإسرائيلي منذ تصاعد الأحداث في قطاع غزة.
ضربات موجعة
تأثير الضربات الموجعة لحماس ليس فقط من الناحية العسكرية، بل أيضاً من ناحية رمزية ومعنوية، باعتبار محمد السنوار أحد الأذرع القيادية المقربة من دائرة القرار داخل حماس، وشقيق القائد البارز يحيى السنوار، الذي اغتالته إسرائيل في إحدى العمليات العسكرية بغزة.
لكن، هل يعني ذلك أن حماس في موقف ضعف وتبحث عن هدنة بأي ثمن؟
هدنة بشروط
هنا يجب التمييز بين عدة مستويات من الفهم:
أولاً، من حيث الأداء العسكري والسياسي، فإن اغتيال القيادات في حماس ليس بالأمر الجديد. الحركة سبق أن فقدت أسماء ثقيلة مثل أحمد ياسين، عبد العزيز الرنتيسي، صلاح شحادة وغيرهم، لكنها ظلت قادرة على إعادة التموضع والاستمرار في العمل. ما يختلف اليوم هو حجم الاستنزاف الذي تعانيه الحركة، سواء في بنيتها التحتية، أو شبكتها الأمنية، أو حتى قدرتها على المناورة الميدانية أمام إسرائيل.
ثانياً، في ظل هذه الظروف، يبدو أن حماس تحاول أن توازن بين خيارين صعبين: الاستمرار في القتال رغم الخسائر الهائلة، حفاظاً على صورتها كمقاومة لا تُهزم. أو قبول الهدنة بشروط تحفظ لها بقاءها السياسي والعسكري، حتى لو كان ذلك في الظاهر مؤشراً على التراجع التكتيكي.
المدنيون يدفعون الثمن
من هنا، لا يمكن القول إن حماس تبحث عن هدنة “بأي طريقة”، بل تسعى لتحقيق أقصى مكاسب ممكنة ضمن ظروف صعبة للغاية. هي تدرك أن المدنيين يدفعون ثمناً باهظاً، لكن سرديتها الداخلية تقوم على أن هذا الثمن مرتبط بوجود الاحتلال، وبالتالي فإن المسألة بالنسبة لها ليست تراجعاً عن المقاومة بل “مرحلة مؤقتة” لإعادة التموضع.
المفارقة هنا أن حماس تجد نفسها الآن أمام خيار صعب: إما أن تواصل القتال وتخسر المزيد من الكوادر والمناطق والشرعية الشعبية، أو أن تدخل في هدنة تُفهم من قبل البعض كاستسلام أو ضعف. وهي لذلك تحاول أن تجد صيغة “متوازنة” تقدمها لمؤيديها كخطوة ذكية لا كتنازل.
ومن المؤكد أن اغتيال السنوار ورفاقه شكّل زلزالاً داخل الحركة، التي ستسعى إلى التوصل لهدنة لالتقاط الأنفاس، بعد الخسائر التي لحقت بها، رغم الدمار الذي يلحق بالمدنيين كل يوم، بسبب موقف الحركة الرافض لأي حلول تنتقص من سيطرتها على غزة.