بعد عشرة أيام من التوقف بسبب الغارات الإسرائيلية، عاد مطار صنعاء الدولي لاستقبال الرحلات المدنية والإنسانية، في خطوة عدّها البعض مؤشرًا على بداية مرحلة تهدئة جديدة في اليمن، فيما يراها آخرون مجرد استراحة مؤقتة وسط تصعيد إقليمي واسع.
استئناف الرحلات: رمز للصمود أم خطوة نحو التسوية؟
أعلنت جماعة الحوثي، يوم السبت 17 مايو 2025، استئناف الرحلات المدنية من وإلى مطار صنعاء الدولي، ووصفت الحدث بأنه “رسالة صمود وثبات في وجه العدوان”، بعد أن تعطلت الرحلات بسبب غارات إسرائيلية وصفت بـ”العدوان السافر”.
وأقلعت أول رحلة من عمّان إلى صنعاء وعلى متنها 138 راكبًا، وغادرت بـ144 راكبًا، وهو ما يعكس إعادة التشغيل الفعلية للمطار بعد أعمال إعادة التأهيل.
وكانت إسرائيل قد استهدفت مطار صنعاء وعدة مواقع حيوية في اليمن مطلع مايو، ردًا على إطلاق الحوثيين صاروخًا فرط صوتي أصاب محيط مطار بن غوريون، وأسفرت هذه الهجمات عن دمار شامل في البنية التحتية للمطار، قُدرت خسائرها بنحو 500 مليون دولار.
وتسعى دولة الاحتلال من خلال هذه الغارات، إلى تقليص خطر الحوثيين المتزايد، خصوصًا بعد نجاحهم في ضرب أهداف إسرائيلية حساسة، وتوجيه رسائل ردع للمحور الإقليمي الداعم للمقاومة الفلسطينية.
هل هناك تهدئة قادمة؟
عودة مطار صنعاء للعمل، لا سيما بعد استئناف الرحلات الأممية والإنسانية، قد تُقرأ كإشارة إلى انفتاح محتمل على مسار دبلوماسي جديد، ويعزز هذا الانطباع إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وقف الضربات الجوية الأميركية في اليمن بعد ما وصفه بـ”رسالة واضحة” من الحوثيين برغبتهم في وقف القتال.
لكن الجماعة من جهتها شددت في بيان رسمي على استمرارها في “خيار المقاومة” واستهداف إسرائيل، معتبرة وقف القصف الأميركي لا يغيّر من موقفها الثابت تجاه ما يحدث في غزة.
البُعد الشعبي: تعبئة داخلية ودعم خارجي
وشهدت صنعاء ومدن يمنية أخرى مسيرات حاشدة دعماً لغزة، ورفضًا للتطبيع مع إسرائيل، وهذه الحشود تعكس بُعدًا آخر من الصراع وعز الحرب الإعلامية والشعبية، وليس فقط الصاروخية.
ولم يعد الصراع محصورًا في فلسطين، بل تم قصف مطارات وموانئ اليمن، إلى جانب الغارات في لبنان وسوريا، وهذا يشير إلى تحول الحرب إلى نزاع إقليمي متعدد الجبهات، في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل فرض طوق ناري على “محور المقاومة”، فيما تسعى الجماعات المدعومة من إيران إلى توسيع رقعة المعركة وفرض معادلات ردع جديدة.
ويبقى مطار صنعاء رمزًا أكثر من كونه مرفقًا للنقل،ففي كل مرة يُفتح أو يُغلق، تتحرك معه إشارات تفاوض أو رسائل حرب، لكن عودته الأخيرة لا تعني بالضرورة السلام، لكنها تعكس دينامية جديدة في المشهد اليمني والإقليمي، قد تفضي إلى هدنة أو إلى تصعيد أوسع.
هل من أمل في سلام دائم؟
ورغم مؤشرات الهدوء النسبي، فإن المشهد لا يزال معقدًا، فالتصريحات المتضاربة، ما بين استمرار الهجمات المتبادلة، والغارات المتقطعة كلها تُبقي مستقبل اليمن مفتوحًا على كل الاحتمالات، خاصة في ظل ارتباطه العضوي بما يجري في غزة والمنطقة بأسرها.