في خطوة مفاجئة تعكس تحوّلاً نوعياً في المشهد السياسي السوداني، أعلن مجلس السيادة السوداني تعيين الدكتور كامل إدريس رئيساً للوزراء، خلفاً للسفير دفع الله الحاج علي الذي تم التراجع عن تعيينه.
من هو كامل إدريس؟
ويُعد إدريس شخصية بارزة في الساحة الدولية، عُرف بمسيرته اللامعة في مجال القانون الدولي والملكية الفكرية.
وُلد إدريس في قرية الزورات شمال دنقلا، وينتمي لمجتمع النوبة، حصل على درجات علمية مرموقة في الفلسفة والقانون من جامعات القاهرة والخرطوم، ونال الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة جنيف، إلى جانب شهادات أخرى في العلوم السياسية والمالية.
تعيين توافقي أم رهان مفاجئ؟
رغم أن التوافق السياسي الكامل لم يُعلن صراحة، فإن مصادر مطّلعة تشير إلى أن تعيين إدريس جاء بتوافق نسبي داخل مجلس السيادة، مدفوعاً بسيرته الدولية، وابتعاده عن الاستقطابات الحادة التي طبعت الساحة السودانية منذ سنوات. ويأمل بعض المراقبين أن يسهم موقعه “الفوق حزبي” في خلق أرضية جديدة للتفاهم الوطني.
هل ينجح إدريس في تفكيك الأزمات؟
يرى محللون أن إدريس يقف أمام تحديات جسيمة، من أبرزها الانقسام السياسي الحاد بين القوى المدنية والعسكرية، والأزمات الأمنية المتفاقمة، خاصة بعد تفجر الصراع بين الجيش والدعم السريع، وكذلك الانهيار الاقتصادي الذي طال كافة مفاصل الحياة اليومية.
وبينما لم يُعلن إدريس رسمياً عن برنامجه السياسي بعد، فإن خلفيته القانونية والدبلوماسية تُرجّح تبنيه لنهج تفاوضي يعتمد على بناء الثقة، ووضع أسس دستورية توافقية تُفضي إلى استقرار دائم.
استراتيجية ما بعد الفوضى
مصادر مقربة من المجلس السيادي تشير إلى أن إدريس سيعتمد خطة محاورها الأساسية وقف شامل لإطلاق النار والدفع نحو حوار وطني شامل، إعادة بناء المؤسسات المدنية وتكريس استقلال القضاء، وكذلك إطلاق برنامج اقتصادي إنقاذي بالشراكة مع المؤسسات الدولية، بجانب تهيئة البلاد لانتخابات عامة خلال فترة انتقالية تُدار بمشاركة مدنية واسعة.
هل يملك “إدريس” مفاتيح الحل؟
تعيين كامل إدريس يُعد فرصة نادرة في تاريخ السودان الحديث لجعل القانون والديبلوماسية أدوات للانتقال من الفوضى إلى الدولة. لكن النجاح مرهون بقدرته على كسب ثقة الشارع، وتحييد مراكز القوى المتصارعة، ووضع حد لنزيف الدم والانقسام.
وبين الحذر والتفاؤل، يترقّب السودانيون ملامح الحقبة الجديدة: هل تكون بداية الخروج من النفق؟ أم حلقة أخرى في سلسلة الأزمات؟، ولكن الأيام القادمة وحدها تحمل الجواب.