تنتشر بين الحين والآخر في عالم الأنظمة الغذائية صيحات غريبة، تثير تساؤلات حول جدواها وتأثيرها على الصحة. ومن بين هذه الصيحات، برز ما يُعرف إعلاميًا بـ حمية الرضع أو”نظام طعام الأطفال” كحمية يُحتمل أن يتبعها البالغون بهدف إنقاص الوزن. فهل يمكن لأطعمة الرضع، المصممة خصيصًا لتلبية احتياجات أجهزتهم الهضمية غير المكتملة، أن تكون حلًا سحريًا للبالغين؟ هذا ما قرر أحد الشباب الأمريكي اكتشافه بنفسه.
تجربة جريئة.. والنتائج مفاجئة!
الشاب الأمريكي أليكس فرانك، في الثلاثينيات من عمره، قرر خوض هذه التجربة وتوثيقها عبر فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي. لمدة أسبوعين كاملين، اقتصر نظام أليكس الغذائي على الوجبات المخصصة للأطفال الرضع فقط، متخليًا تمامًا عن القهوة، السكريات، اللحوم الحمراء، والمأكولات المصنعة التي اعتاد عليها. الأطعمة التي تناولها كانت بسيطة وسهلة الهضم، مثل الخضراوات والفواكه المهروسة، الحبوب الرطبة، والأرز المطحون، والتي تتميز بخلوها من المنكهات الصناعية والسكريات المضافة، وغناها بالفيتامينات والمعادن الضرورية لنمو الرضع.
في الأيام الأولى من تجربته، أبلغ أليكس عن شعوره بخفة ملحوظة في الجهاز الهضمي، كما لاحظ تحسنًا في نمط نومه الذي أصبح أكثر انتظامًا. هذه النتائج الإيجابية الأولية قد تُغري البعض بتبني هذا النظام. لكن سرعان ما بدأت المشاكل الصحية تظهر، وتتراكم الآثار السلبية التي لا تتناسب واحتياجات جسم البالغ:
انخفاض الطاقة العامة: بسبب النقص الشديد في البروتين والدهون الضرورية لجسم البالغين، شعر أليكس بتراجع كبير في مستويات طاقته.
شعور مستمر بالجوع: رغم تناوله لكميات أكبر من طعام الرضع، إلا أنه كان يعاني من شعور دائم بالجوع، ما يُشير إلى عدم كفاية هذا النظام لتلبية احتياجات البالغين من السعرات الحرارية والعناصر الغذائية.
فقدان التركيز: أثر هذا النقص الغذائي على قدرته على التركيز في المهام اليومية، مما يؤكد أن الدماغ يحتاج إلى إمداد ثابت ومتوازن من الطاقة والمغذيات.
نقص عناصر غذائية أساسية: لاحظ أليكس نقص بعض العناصر الأساسية مثل الحديد وفيتامين B12، وهما ضروريان للغاية لصحة البالغين ولا يمكن الاستغناء عنهما.
لماذا لا تناسب “حمية الرضع” البالغين؟
يُحذر أخصائيو التغذية بشدة من اتباع نظام أكل الرضع للبالغين على المدى الطويل، وذلك لعدة أسباب رئيسية:
نقص البروتين والدهون الصحية: جسم البالغ يحتاج إلى كميات أكبر بكثير من البروتينات والدهون الصحية لبناء العضلات، وإصلاح الأنسجة، ودعم الوظائف الحيوية، وهو ما لا توفره وجبات الرضع بكميات كافية.
افتقار إلى الألياف: رغم أن وجبات الرضع قد تحتوي على بعض الألياف، إلا أنها غالبًا ما تكون بكميات غير كافية للبالغين، مما يؤثر سلبًا على صحة الجهاز الهضمي ويسبب مشاكل مثل الإمساك.
نظام غذائي غير متوازن: أطعمة الرضع مصممة لمرحلة عمرية معينة ولها احتياجات غذائية محددة تختلف تمامًا عن احتياجات البرد. فهي تفتقر إلى التوازن المطلوب من الكربوهيدرات والبروتين والفيتامينات والمعادن الضرورية لصحة البالغ على المدى الطويل.
ورغم المخاطر الواضحة لهذا النظام، يلجأ إليه البعض بسبب الاعتقاد الخاطئ بأنه “منخفض السعرات وسريع النتائج” لفقدان الوزن. كما يرونه وسيلة للابتعاد عن الطعام المعالج والمحفزات الشهية. لكن الخبراء يؤكدون أن الحمية غير المتوازنة، حتى وإن بدت طبيعية، قد تؤدي إلى نتائج عكسية على الصحة النفسية والجسدية، وتسبب نقصًا في المغذيات يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على المدى الطويل. إن رحلة إنقاص الوزن تتطلب نهجًا صحيًا ومتوازنًا يُناسب احتياجات الجسم البالغ، تحت إشراف متخصص.