في خطوة جديدة تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، عقدت لجنة الشؤون الأمنية المنبثقة عن «اللجنة السعودية – الصينية المشتركة رفيعة المستوى» اجتماعها الخامس في العاصمة الصينية بكين، حيث ناقش الجانبان جملة من الموضوعات الأمنية الحيوية، وتبادلا وجهات النظر حول سبل تعزيز التعاون في مواجهة التحديات الأمنية المتسارعة.
وترأس الاجتماع من الجانب السعودي الأمير الدكتور عبد العزيز بن محمد بن عيّاف، نائب وزير الداخلية المكلّف، فيما ترأسه من الجانب الصيني الفريق شو داتونغ، نائب وزير الأمن العام، بحضور عدد من كبار المسؤولين من الوزارات والجهات المختصة في كلا البلدين.
العلاقات السعودية – الصينية: نموذج للتعاون الشامل
في كلمته خلال الاجتماع، شدد الأمير عبد العزيز بن عيّاف على أن العلاقات التاريخية الراسخة بين الرياض وبكين أصبحت نموذجاً يُحتذى في مجالات التعاون والتنسيق المتعدد الأوجه، مؤكداً أن اللجنة المشتركة رفيعة المستوى تعمل باستمرار على دعم هذه الشراكة وتحويلها إلى واقع ملموس يخدم مصالح البلدين.
وقال إن “الاجتماع يكرس روح التعاون المبني على الثقة المتبادلة في مواجهة التحديات الأمنية، ويعكس مدى نضج العلاقة التي أصبحت ترتكز على المصالح المشتركة والتفاهم المتبادل”.
التعاون الأمني.. وآفاق واعدة
ناقش الطرفان خلال الاجتماع عددًا من المبادرات الأمنية ذات الأولوية، بما في ذلك مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، وتعزيز أمن المعلومات، والتصدي للجرائم السيبرانية، وتوسيع آليات تبادل المعلومات والخبرات الأمنية.
كما تناول الاجتماع أهمية تطوير قنوات التواصل بين الجهات الأمنية في البلدين، وتفعيل آليات الإنذار المبكر والتعاون في القضايا المتعلقة بملاحقة المطلوبين دولياً، في إطار التعاون مع الإنتربول، وتعزيز العمل في مكافحة غسل الأموال والاتجار بالبشر وتهريب المخدرات.
الشراكة الاستثمارية: الأمن أساس للتنمية الاقتصادي
إلى جانب التعاون الأمني، أكد الاجتماع على أهمية تهيئة البيئة الآمنة لجذب الاستثمارات، وهو ما يعكس رؤية السعودية في الربط بين الأمن والتنمية، ويعزز أهداف “رؤية السعودية 2030” من خلال الاستفادة من الخبرات الصينية في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي.
وقد أشار المشاركون إلى أن التعاون في هذه المجالات لا يقتصر على الأمن، بل يمتد ليشمل الاستثمار في البنية التحتية، وتبادل المعرفة، وتطوير الصناعات الاستراتيجية، بما يخدم مصالح الشعبين ويعزز الاستقرار الإقليمي والدولي.
تمثيل رفيع يعكس جدية الالتزام
شارك في الاجتماع عدد من الشخصيات البارزة من الجانبين، من بينهم السفير السعودي لدى الصين عبد الرحمن الحربي، ومدير عام الشؤون القانونية والتعاون الدولي بوزارة الداخلية أحمد العيسى، إلى جانب عدد من ممثلي الوزارات والجهات ذات العلاقة.
ومن الجانب الصيني، حضر اللواء جيانغ قولي، المفوض السياسي بإدارة التحقيق للجرائم الجنائية، واللواء وانغ يونغ، المفوض السياسي بإدارة التعاون الدولي ومدير المكتب المركزي الوطني للإنتربول في الصين، إلى جانب مسؤولين آخرين من وزارة الأمن العام.
نحو شراكة مستقبلية أكثر تنسيقاً
يُعد هذا الاجتماع امتداداً لسلسلة من اللقاءات التي تعكس جدية الطرفين في تعزيز العمل المشترك، وتوحيد الرؤى تجاه القضايا الأمنية الإقليمية والدولية. وقد أكد الجانبان في ختام الاجتماع التزامهما بمواصلة التنسيق وتبادل الخبرات لتحقيق أهداف أمنية وتنموية مشتركة، ما يعزز مكانة البلدين كقوتين صاعدتين في النظام الدولي.
ويشير هذا اللقاء إلى أن الرياض وبكين تتجهان نحو مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي الذي يقوم على التوازن والمصالح المشتركة، مما يجعل من العلاقة السعودية – الصينية أحد أهم محاور الاستقرار والتعاون في المنطقة والعالم.