في مساء الجمعة، تحولت محطة هامبورغ المركزية، واحدة من أكثر محطات القطارات ازدحامًا في ألمانيا، إلى مسرح لهجوم مفاجئ أثار الهلع في صفوف المسافرين وأعاد إلى الواجهة المخاوف الأمنية المتنامية في البلاد. فقد أعلنت الشرطة الألمانية عن إصابة عدد من الأشخاص بجروح وصفت بـ”الخطيرة والمهددة للحياة” إثر تعرضهم للطعن على رصيف المحطة.
المهاجمة، وهي امرأة تبلغ من العمر 39 عامًا، تم توقيفها فورًا بعد تدخل أمني مكثف. الشرطة أكدت أنها تصرفت بمفردها، دون أن تشير حتى الآن إلى وجود خلفية إرهابية أو دوافع جنائية واضحة.
مشهد الدماء والصمت: حادثة لم تُتوقّع في قلب هامبورغ
رغم تكرار حوادث العنف في السنوات الأخيرة بألمانيا، يبقى وقوع حادث طعن بهذه الخطورة في مركز نقل حيوي كـمحطة هامبورغ أمرًا لافتًا. وسائل إعلام محلية بثّت صورًا ومقاطع فيديو تظهر أفراد الشرطة وهم يطوقون الرصيف الذي وقعت فيه الحادثة، في مشهد عكس فوضى اللحظة وسط توافد سيارات الإسعاف والقوات الخاصة.
السلطات حتى الآن لم تفصح عن عدد الضحايا بدقة، مكتفية بالتأكيد على أن الإصابات “خطيرة”، وأن فرق التحقيق لا تزال في المراحل الأولى من جمع الأدلة واستجواب الشهود.
فردية الهجوم: هل تعني شيئًا في سياق أوسع؟
الشرطة أعلنت أن المشتبه بها تصرفت بمفردها، وهو ما قد يشير إلى سيناريو “الذئب المنفرد”، وهي ظاهرة أمنية شغلت أجهزة الاستخبارات الأوروبية في السنوات الأخيرة. لكن السؤال الأهم يبقى ما إذا كان هذا الحادث نتيجة خلل نفسي فردي، أم أنه تعبير عن أزمة أعمق تتعلق بإدارة الأمن في المرافق العامة.
ألمانيا، التي تشهد توترًا سياسيًا حول قضايا اللجوء والهجرة والتطرف، غالبًا ما تجد نفسها في وضع دفاعي كلما وقعت حادثة عنف، حتى وإن لم تُثبت صلتها بأي تيار أيديولوجي.
محطة قطارات تحت المجهر: الأمن المدني على المحك
حادث الطعن في هامبورغ يعيد إلى الواجهة النقاش حول الإجراءات الأمنية في محطات القطارات الكبرى. فبينما يُنظر إلى هذه المنشآت على أنها نقاط عبور يومية لملايين المسافرين، فإنها غالبًا ما تُترك بلا إجراءات تفتيش صارمة، نظرًا لصعوبة تطبيقها على هذا الكم من التنقلات.
الهجوم، حتى وإن لم يكن منظمًا، يكشف هشاشة البنية الأمنية أمام الأفراد الذين قد يمتلكون دوافع آنية أو اضطرابات نفسية تؤدي إلى أعمال عنف عشوائية، لكن ذات تأثير إعلامي وشعبي كبير.
هامبورغ تدفع الثمن وتطرح الأسئلة
في الوقت الذي تتصاعد فيه التحذيرات في أوروبا من تصاعد العنف غير المنظم، سواء بدوافع فردية أو متطرفة، تشكّل حادثة الطعن في هامبورغ نموذجًا لما يُطلق عليه “العنف الصامت”: لا تحذير مسبق، لا تنظيم ظاهر، ولا أهداف سياسية معلنة، بل انفجار فجائي للعنف في مكان مدني مكشوف.
وبينما تنتظر ألمانيا نتائج التحقيقات، يبدو واضحًا أن الرأي العام، ومؤسسات الدولة، سيجدون أنفسهم أمام أسئلة محرجة تتعلق بالأمن، والعلاج النفسي، ومدى استعداد المجتمع لمواجهة هذا النوع من التهديدات.