شنّ الجيش الإسرائيلي، فجر الجمعة، واحدة من أكثر الهجمات دموية منذ بدء عدوانه على قطاع غزة قبل 20 شهرًا، حيث قُتل ما لا يقل عن 69 فلسطينيًا في سلسلة غارات متفرقة استهدفت منازل مدنيين ومخيمات نازحين، فضلًا عن مرافق طبية وأطقم إغاثة في شمال ووسط وجنوب القطاع، في استمرار لما تصفه جهات حقوقية بـ”الإبادة الجماعية الممنهجة”.
الهجمات، التي وُصفت بأنها غير مبررة وغير متناسبة، طالت المدنيين بشكل مباشر، ما يعزز الاتهامات الموجهة لإسرائيل بخرق القانون الدولي الإنساني، وبخاصة اتفاقيات جنيف.
شمال غزة: دماء تحت الركام وطواقم طبية في مرمى النار
في حي الجرن بجباليا البلد شمالي القطاع، قُتل 3 فلسطينيين وأصيب آخرون بعد قصف استهدف منزلًا لعائلة الحواجري. كما انتشلت طواقم الدفاع المدني جثث 10 شهداء من تحت أنقاض منزل عائلة دردونة، فيما لا تزال أكثر من 30 عائلة في عداد المفقودين.
وفي حادثة أثارت موجة غضب في الأوساط الطبية والحقوقية، أُطلقت قنابل من طائرات مسيّرة إسرائيلية على مبنى مستشفى العودة في تل الزعتر، ما أسفر عن إصابة 3 من أفراد الطواقم الطبية.
وسط القطاع: القصف يلاحق الإغاثيين والمزارعين
في دير البلح ومخيم النصيرات، أوقعت الغارات الإسرائيلية 15 شهيدًا على الأقل، بينهم فتاة وشاب، بالإضافة إلى اثنين من المزارعين قُصفوا قرب مقبرة السوارحة أثناء عملهم.
وشهدت منطقة البركة ودير البلح مجازر بحق فرق تأمين المساعدات الإنسانية، إذ استهدفت غارة جوية مجموعة من المتطوعين أثناء محاولتهم تأمين شاحنات إغاثية، ما أسفر عن استشهاد 6 فلسطينيين، في رسالة واضحة بأن العمليات الإغاثية لم تعد في مأمن من نيران الاحتلال.
جنوب غزة: استهداف قيادات بلدية وأحياء سكنية
في خان يونس، استشهد مدير مكتب رئيس بلدية المدينة عز الدين الشريف، إثر قصف استهدف مركبته في حي الأمل. وامتدت المجازر إلى منازل المدنيين، إذ أسفرت غارة على منزل لعائلة النجار عن استشهاد 3 أفراد.
وفي بلدة عبسان الجديدة شرق خان يونس، قُتل 11 فلسطينيًا من عائلة الدغمة، بعد قصف منزلهم، فيما استشهد طفلان من عائلة أبو عكر وأُصيب آخرون في قصف على شقة بمخيم خان يونس.
تحليل: استراتيجية الأرض المحروقة مقابل غياب الردع الدولي
تمثل هذه المجازر تصعيدًا واضحًا في الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على ما يبدو على فرض “أقصى تكلفة بشرية” على المدنيين، في محاولة لإحداث شلل كامل في البنية المجتمعية للقطاع.
التوسع في استهداف المستشفيات، المزارعين، وفرق الإغاثة يشير إلى تحول خطير في قواعد الاشتباك، يهدف إلى إلغاء أي هامش للنجاة أو العمل المدني داخل غزة، بالتوازي مع فشل أو تغاضي المجتمع الدولي في ردع هذا النهج.
غزة تُقتل على جرعات.. ولا من يُحاسب
مع سقوط عشرات الضحايا يوميًا، يغدو الحديث عن “أهداف عسكرية مشروعة” مجرد غطاء لسياسات العقاب الجماعي والتطهير. ورغم توثيق عشرات المجازر من قبل منظمات دولية، لا تزال إسرائيل تعمل بمنأى عن أي محاسبة دولية حقيقية، ما يطرح أسئلة حارقة حول جدوى القانون الدولي، ومتى تصبح حياة الفلسطينيين ذات وزن في ميزان العدالة الدولية.