في خطوة تعكس عمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين دولة الكويت واليابان، التقى ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح إمبراطور اليابان ناروهيتو في القصر الإمبراطوري بالعاصمة طوكيو. اللقاء، الذي جاء ضمن زيارة رسمية تستمر من 28 وحتى 31 مايو الجاري، تناول محطات التعاون الممتدة لأكثر من ستين عامًا، وما شهدته من تطور ملحوظ في مختلف القطاعات.
اللقاء لم يكن بروتوكوليًا فقط، بل حمل دلالات رمزية على متانة العلاقات الثنائية، وحرص الجانبين على صون هذا الإرث المشترك وتطويره بما يتماشى مع متغيرات العصر وتطلعات شعبي البلدين.
إعلان شراكة استراتيجية شاملة: نقلة نوعية في العلاقات
وكالة أنباء الكويت نقلت عن وزارة الخارجية بيانًا مشتركًا، أعلن فيه الطرفان الكويتي والياباني رفع مستوى العلاقات إلى شراكة استراتيجية شاملة، في خطوة وصفت بأنها نقلة نوعية في مسار التعاون الثنائي. الشراكة الجديدة تأتي كتتويج لعقود من التفاهم والعمل المشترك، وتفتح الباب أمام مزيد من التعاون في مجالات السياسة، والاقتصاد، والثقافة، والتكنولوجيا، والطاقة.
وأكد البيان أن هذا التحول يعكس الإرادة المشتركة لدى القيادة السياسية في البلدين للارتقاء بالعلاقات نحو آفاق أوسع وأكثر تكاملًا.
مباحثات ثنائية مع رئيس الوزراء الياباني
ضمن جدول الزيارة الرسمية، عقد ولي العهد الكويتي مباحثات موسعة مع رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا. اللقاء الذي عُقد في مقر الحكومة اليابانية، تطرق إلى سبل تعزيز التعاون الثنائي في ضوء التحولات الإقليمية والدولية، كما تم استعراض الفرص الاستثمارية، وتبادل الرؤى حول قضايا الأمن الإقليمي والطاقة.
وذكر البيان أن المباحثات شهدت تطابقًا في وجهات النظر حول أهمية دعم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وتعزيز العمل المشترك لمواجهة التحديات العالمية، وفي مقدمتها التغير المناخي والأمن الغذائي والطاقة المستدامة.
التزام متجدد بالتعاون السياسي والاقتصادي والإنساني
وأكد الجانبان في بيانهما المشترك أن الشراكة الاستراتيجية الجديدة ستُفعّل عبر آليات عمل واضحة، وتشمل التعاون في مجالات السياسة والاقتصاد والعمل الإنساني، فضلًا عن تنسيق المواقف في المحافل الدولية، بما يخدم القضايا العادلة ويدعم الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
وأضاف البيان: “هذا التطور يجسد التزام البلدين بتعزيز التعاون المشترك والعمل من أجل ازدهار المنطقة والعالم، ويعكس فهمًا عميقًا لمتطلبات المرحلة المقبلة وما تفرضه من شراكات قائمة على الثقة والاحترام المتبادل.”
في الخلفية: تحذيرات يابانية من تداعيات الحرب التجارية العالمية
في سياق موازٍ، تأتي هذه الزيارة في وقت تشهد فيه الساحة الدولية توترًا متصاعدًا بفعل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة ودول آسيوية، من بينها اليابان. حيث أبدت طوكيو، بحسب تقارير إعلامية، قلقها من زيادة الرسوم الجمركية الأميركية، مؤكدة أنها تنتظر تنازلات من واشنطن للحفاظ على توازن التجارة العالمية.
هذا الواقع يضع المزيد من الأهمية على بناء شراكات اقتصادية متينة، كما في حالة العلاقة مع الكويت، لتعزيز استقرار الاقتصاد الياباني وتنويع تحالفاته التجارية.
زيارة ولي العهد الكويتي إلى اليابان، بكل ما حملته من رسائل سياسية واقتصادية، تؤكد أن العلاقات بين البلدين تدخل مرحلة جديدة من العمق والشمول. شراكة استراتيجية شاملة، وتحالف يقوم على الثقة والمصالح المشتركة، يجعل من العلاقة الكويتية اليابانية نموذجًا يُحتذى به في بناء الجسور بين الشرق الأوسط وشرق آسيا.