في خضم سباق عالمي محموم نحو الهيمنة في الذكاء الاصطناعي، تدخل دول الخليج الغنية بالطاقة كمنافس طموح، مدفوعةً برأس المال، والطاقة الرخيصة، والإرادة السياسية القوية.
من الشراكات الضخمة مع عمالقة التكنولوجيا، إلى مشاريع البنية التحتية العملاقة ومراكز البيانات، تسعى السعودية والإمارات لترسيخ موقعهما كمحور عالمي لهذه التكنولوجيا الثورية.
استثمارات استراتيجية… ومراهنة كبرى على المستقبل
تشير الصفقات المعلنة خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة للمنطقة إلى مدى جدية طموحات الخليج، خاصة السعودية والإمارات.
ففي السعودية، أعلنت شركة هومين الناشئة، والمدعومة حكوميًا، عن شراكة مع إنفيديا ونيّتها إطلاق صندوق استثماري بـ10 مليارات دولار، أما الإمارات، فتبني مراكز بيانات ضخمة ضمن مشروع “ستارغيت”، وتضخ استثمارات بمليارات الدولارات من خلال صندوق الذكاء الاصطناعي MGX.
طاقة غير محدودة.. لكن ماذا عن المهارات والابتكار؟
تُراهن دول الخليج على وفرة الطاقة الرخيصة والأراضي، ما يمنحها ميزة في استضافة “مصانع الذكاء الاصطناعي”. لكن التحدي الأكبر يبقى في العنصر البشري، إذ لا تزال المنطقة تعاني من نقص في المواهب المتخصصة ومحدودية في مخرجات البحث العلمي مقارنة بوادي السيليكون أو شرق آسيا.
لمواجهة فجوة المواهب، تطلق دول الخليج سياسات هجومية لجذب الباحثين والشركات عبر حوافز ضريبية وتأشيرات طويلة الأجل ولوائح مرنة.
وتُظهر بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الإمارات أصبحت ثالث أعلى وجهة في العالم لهجرة أصحاب المهارات في الذكاء الاصطناعي بين عامي 2019 و2024.
غياب الشركات الرائدة.. وعين على شراكات استراتيجية
ورغم كل التقدم، لا تملك دول الخليج بعد شركات تقود تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي كالتي تملكها أميركا أو الصين أو أوروبا، ولهذا، تسعى إلى شراكات مع جهات غربية.
ويثير التحالف الخليجي المتنامي مع شركات تكنولوجية أميركية قلقًا في واشنطن، خاصة مع احتمالات التعاون مع أطراف صينية.
ويحذّر خبراء من أن محاولات تسريع السباق قد تفتح أبوابًا لمخاطر أمنية، أو حتى محاولات التفاف على قيود التصدير الأميركية المفروضة على الصين.
طموحات كبرى على أرض صلبة.. لكن الطريق طويل
في نهاية المطاف، تمتلك دول الخليج بعض العناصر الأساسية للتحول إلى قوة عظمى في الذكاء الاصطناعي: رأس المال، الطاقة، والرؤية، لكن دون تطوير منظومة تعليم وبحث محلية، واستنبات شركات وطنية رائدة، سيبقى الحلم معتمدًا على الخارج أكثر مما ينبغي.