منذ أواخر عام 2024، يشهد اليمن موجة جديدة من التصعيد العسكري، فاقمت من الأزمة الإنسانية في البلاد وألقت بظلالها الثقيلة على المدنيين، لا سيما النساء والفتيات.
في الفترة ما بين فبراير/ شباط وأبريل/ نيسان 2025، أسفر القصف المكثف عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، ونزوح واسع النطاق، وتدمير البنية التحتية الحيوية في عدة محافظات.
وسط هذا الواقع، أصدر تقرير حديث عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة، سلّط الضوء على التأثيرات الكارثية لتصاعد النزاع على النساء والفتيات، وأبرز احتياجاتهن الإنسانية العاجلة.
أكثر من نصف السكان بحاجة إلى مساعدات عاجلة
يشير التقرير إلى أن 56% من سكان اليمن، أي نحو 19.5 مليون شخص، بحاجة إلى مساعدات إنسانية وخدمات منقذة للحياة، وبين هؤلاء، تشكّل النساء والفتيات الفئة الأكثر تضررًا.
حتى مارس 2025، بلغ عدد النازحات من النساء والفتيات 2.3 مليون، يُمثلن نسبة كبيرة من إجمالي النازحين داخليًا، الذين تُقدّر نسبتهم من النساء والأطفال بـ80%. وتشير البيانات إلى أن 26% من الأسر النازحة حديثًا ترأسها نساء، معظمهن أرامل أو مطلقات، ما يجعلهن عرضة لمزيد من المخاطر الاقتصادية والاجتماعية.
الاحتياجات الصحية الأساسية مفقودة
يعاني آلاف النساء من نقص حاد في مستلزمات النظافة الشخصية، خصوصًا أولئك في سن الحيض. وتُقدّر الحاجة بنحو 40 ألف فوطة صحية شهريًا لضمان الحد الأدنى من الرعاية الصحية والكرامة. كما تضررت أكثر من 400 امرأة حامل ومرضعة، إلى جانب 9,600 طفل بسبب تعطل المرافق الصحية والبنية التحتية للمياه.
في ظل تراجع مؤشرات الأمان الغذائي والاقتصادي، ارتفعت معدلات تزويج الفتيات قبل سن 18 عامًا إلى نحو الثلث، وفق التقرير، حيث بات الزواج المبكر أحد وسائل الأسر لتخفيف العبء المادي وسط انعدام الخيارات.
مخاطر متزايدة: العنف وسوء المعاملة
أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من 6 ملايين امرأة وفتاة يواجهن خطر العنف القائم على النوع الاجتماعي وسوء المعاملة، في ظل بيئة أمنية منهارة، ونظام حماية شبه معدوم. كما أُجبرت ما لا يقل عن 3,013 امرأة وفتاة على النزوح مرة واحدة على الأقل خلال الأشهر الأخيرة، بسبب تجدد القتال أو تهديدات مباشرة
تُواجه النساء المعيلات تحديات قاسية في مناطق النزوح، تشمل: صعوبة التنقل والوصول إلى الخدمات، وغياب فرص كسب الدخل، وكذلك أعباء الرعاية المنزلية المتزايدة، إضافة إلى تراجع فرص تلقي المساعدات نتيجة للعوائق الثقافية واللوجستية، ويدفع ذلك العديد منهن إلى الاعتماد على آليات تكيف سلبية، قد تشمل التسوّل أو الزواج القسري أو العمل القسري أو الاستغلال الجنسي.
نداء أممي عاجل: 9.6 مليون امرأة في خطر
أطلق التقرير نداءً عاجلاً لتوفير الحماية والرعاية الصحية والدعم الإنساني لـ9.6 مليون امرأة وفتاة في اليمن، ممن هن في أمسّ الحاجة إلى المساعدة. وناشد المجتمع الدولي لتخصيص تمويل طارئ، يضمن تلبية احتياجات النساء الأكثر هشاشة، وضمان كرامتهن وسلامتهن.
ورغم التغطية الإعلامية المكثفة للحرب اليمنية، تبقى معاناة النساء والفتيات الوجه الأقل حضورًا في المشهد العام، رغم كونه الأكثر إلحاحًا. وبحسب التقرير، فإن استمرار تجاهل هذه الأزمة يعني مزيدًا من الانتهاكات والتدهور والضياع لجيل كامل من النساء اليمنيات.