عاد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، من زيارة رسمية إلى العاصمة القطرية الدوحة، محققاً جملة من التفاهمات والاتفاقات التي من شأنها أن تسهم في دعم جهود إعادة الإعمار، وتثبيت الاستقرار الاقتصادي في سوريا، بعد سنوات من الحرب والانقسام والعزلة الدولية.
في مؤتمر صحفي عقده في مطار دمشق الدولي عقب عودته، كشف الشيباني عن 12 نقطة محورية تم الاتفاق عليها مع الجانب القطري، توزعت بين ملفات الطاقة، والاستثمار، والصحة، والتمويل، والبنية التحتية، والابتكار.
استمرار توريد الغاز القطري وتعزيز التعاون في الطاقة
جرى الاتفاق على متابعة توريد الغاز القطري إلى سوريا عبر الأردن، ضمن تفاهمات تهدف إلى تعزيز أمن الطاقة في البلاد. كما تم التوافق على رفع مستوى التعاون الثنائي في مجالي النفط والغاز، عبر مشاريع متوسطة وطويلة الأجل.
أعلن الشيباني أنه تم الاتفاق على إعادة تفعيل الشركة القطرية السورية القابضة، والتي كانت مجمدة منذ أكثر من عقد. وستكون هذه الشركة بمثابة منصة استثمارية مشتركة لتشجيع رؤوس الأموال القطرية على دخول السوق السورية.
دعم فني للإصلاحات الاقتصادية والمالية
الدوحة أبدت التزامها بدعم برامج الإصلاح الاقتصادي في سوريا، من خلال تقديم استشارات فنية ونقل للخبرات، بالإضافة إلى تنظيم دورات تدريبية للكوادر السورية في مؤسسات قطرية متخصصة، خاصة في مجالات المال والاقتصاد.
في خطوة لافتة، تم التفاهم على بدء البنوك القطرية بتقديم خدمات المراسلة للبنوك السورية بالريال القطري، بهدف التمهيد لربط سوريا تدريجياً بالنظام المالي العالمي، ودعم جهود الحكومة في تسوية ديونها الخارجية وفق آليات عادلة.
ملتقى استثماري سوري قطري قريباً
أشار الشيباني إلى الاتفاق على تنظيم ملتقى استثماري سوري قطري، سيجمع ممثلين عن القطاعين العام والخاص، بهدف إطلاق مشاريع مشتركة وتعزيز الشراكات الاقتصادية بين البلدين.
وجّه الشيباني شكره إلى كل من قطر والسعودية على المنحة المخصصة لدعم الرواتب والأجور في سوريا، مؤكداً الاتفاق على مواصلة التنسيق لضمان استمرارية هذا الدعم في الفترة المقبلة.
دعم قطاع الاتصالات والتكنولوجيا
تم توقيع تفاهمات تشمل دعم البنية التحتية لقطاع الاتصالات، عبر مشاريع تتعلق بخدمات التجوال، الألياف الضوئية، وخدمات الاتصالات الفضائية، بما يعزز من جاهزية البنية الرقمية في البلاد.
شملت التفاهمات أيضاً تأسيس حاضنات أعمال ومسرعات لدعم رواد الأعمال السوريين، وذلك ضمن رؤية تشجع الابتكار وتوفير بيئة استثمارية محفزة للشركات الناشئة. ومن المقرر عقد اجتماعات دورية في دمشق لمتابعة سير هذه المشاريع.
تسهيلات في إصدار التأشيرات وتعزيز السياحة
ناقش الطرفان آليات تسهيل إصدار التأشيرات الإلكترونية للزوار، والتنسيق مع الخطوط الجوية القطرية للترويج للمواقع السياحية في سوريا. كما تم بحث إمكانية إدارة بعض الفنادق الحكومية بشراكة قطرية.
كما أعلن “الشيباني” عن اتفاق يقضي بـإعادة تأهيل ثلاث مستشفيات رئيسية في سوريا وتجهيزها بشكل كامل بدعم قطري، مع التزام بتشغيلها لمدة ثلاث سنوات. كما تم الاتفاق على تزويد وزارة الصحة السورية بسيارات إسعاف وأجهزة طبية متقدمة.
في السياق نفسه، أعلنت مؤسسة “قطر الخيرية” استعدادها لتقديم دعم عاجل للقطاع الصحي السوري، يتضمن شحنات من الأجهزة والمستلزمات الطبية والمركبات الإسعافية، سواء عن طريق البر أو عبر الجسر الجوي الإنساني.
مصانع أدوية جديدة لتأمين الاحتياجات المحلية
اختُتمت الزيارة بمباحثات مع مؤسسة “محمد بن حمد القابضة” القطرية، تم خلالها بحث إقامة مصانع جديدة لإنتاج الأدوية في سوريا، لسد الفجوة في سوق الدواء وتخفيف الاعتماد على الاستيراد الخارجي.
وتؤشر الزيارة إلى مرحلة جديدة من العلاقات السورية القطرية، ليس فقط على المستوى السياسي، بل في إطار شراكة اقتصادية واسعة النطاق. وإذا ما تكللت هذه التفاهمات بالتنفيذ الفعلي، فإنها قد تمثل بداية حقيقية للتعافي السوري، ولو على مراحل، في ظل دعم خليجي يزداد وضوحاً يوماً بعد يوم.