جددت الحكومة العراقية تأكيدها على الحاجة إلى استمرار وجود قوات التحالف الدولي داخل البلاد، في وقت التزمت فيه الفصائل المسلحة الموالية لإيران الصمت تجاه هذا الموقف، بعد سنوات من المطالبة بانسحاب كامل للقوات الأجنبية.
وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في تصريحات متلفزة، إن بقاء التحالف في سوريا والعراق “أمر ضروري” في ظل استمرار التهديدات الإرهابية العابرة للحدود، مؤكدًا أن بغداد لم تتلقَ أي إشعار رسمي بشأن تعديل جداول انسحاب قوات التحالف من سوريا أو العراق.
دعم لوجستي وجوي لا غنى عنه
من جهتها، أكدت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي أن الحاجة إلى بقاء التحالف لا تزال قائمة، مشيرة إلى ضعف القدرات الجوية العراقية، وعدم كفاية الموارد الحالية لتأمين كامل الحدود، خصوصًا مع سوريا.
وقال النائب ياسر إسكندر وتوت، إن “العراق يحتاج إلى دعم لوجستي وجوي كبير، وما نمتلكه من إمكانيات غير كافٍ لضبط الأجواء المشتركة مع دول الجوار”، مضيفًا أن “بقاء قوات التحالف في البلاد أمر مطلوب وواقعي”.
واشنطن: إعادة تموضع لا تعني الانسحاب
في موازاة الموقف العراقي، أكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن تحركات القوات الأميركية في سوريا نحو مواقع أكثر أمانًا داخل العراق لا تعني نهاية المهمة، بل تهدف إلى إعادة التموضع من أجل تعزيز الاستقرار.
وقال مسؤول أميركي إن “التحالف سيواصل تمكين الشركاء المحليين في سوريا من تنفيذ مهام مكافحة الإرهاب”، محذرًا من أن “داعش قد يستغل أي فراغ أمني للعودة، لكن الجهود الأميركية لمنعه لا تزال مستمرة”.
ضربة استخباراتية موجعة لـ«داعش»
وفي سياق ميداني، أعلنت قيادة العمليات المشتركة أن العراق وجه ضربة نوعية إلى تنظيم داعش على الحدود مع سوريا، أدت إلى مقتل 14 من عناصره، بينهم قيادات من الصف الأول.
وأشار البيان الرسمي إلى أن العملية تمت بعد رصد استمر شهرين، وتم خلالها تنفيذ ضربات جوية أعقبها إنزال بري ومواجهات مباشرة مع الفارين من الكهوف والصحارى، مؤكدة أن العملية جرت بتنسيق استخباراتي عالي المستوى مع التحالف الدولي.
الفصائل الموالية لإيران تلتزم الصمت
رغم أن الفصائل المسلحة العراقية طالما طالبت بانسحاب القوات الأميركية، فإنها لم تُعلق على التصريحات الأخيرة بشأن ضرورة بقاء التحالف، وسط أجواء سياسية معقدة مرتبطة بالوضع الإقليمي، وتحديدًا التوتر المتصاعد بين إسرائيل وإيران.
ويُقدَّر عدد قوات التحالف الدولي في العراق حاليًا بنحو 2500 جندي، يتركزون في قواعد توفر الدعم اللوجستي والاستشاري للقوات العراقية، فيما يُتوقع أن يبقى النقاش بشأن مستقبلهم ملفًا حساسًا في العلاقات العراقية – الأميركية خلال الفترة المقبلة.
اتفاقية الإطار الاستراتيجي تعود للواجهة
وتستند العلاقة بين بغداد وواشنطن إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقّعة عام 2008، والتي تنظم التعاون في مجالات الدفاع والاقتصاد والتعليم. وكان العراق قد أجرى ثلاث جولات حوار مع الولايات المتحدة في 2024 من أجل إعادة هيكلة التواجد الأجنبي داخل أراضيه.
يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتمكن الحكومة العراقية من التوفيق بين حاجتها إلى بقاء التحالف الدولي، وضغوط الفصائل المسلحة المطالبة بانسحابه؟
الإجابة تتوقف على المتغيرات الميدانية، واستمرار الخطر الذي يشكّله داعش على أمن العراق وسوريا والمنطقة بأكملها.