أكدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا التزامها الكامل بتقديم الدعم الفني للجنتين المشكلتين حديثًا من قبل المجلس الرئاسي الليبي، وذلك في إطار الجهود الرامية لتعزيز الأمن في العاصمة طرابلس ومعالجة الشواغل المتصاعدة بشأن حقوق الإنسان، معتبرة أن هذه الخطوة تأتي في “لحظة حرجة يطالب فيها الليبيون بإصلاحات جادة”.
ترتيبات أمنية شاملة في طرابلس
وكان رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، قد أصدر الأربعاء الماضي قرارًا بتشكيل لجنة أمنية وعسكرية تتولى إعداد وتنفيذ خطة شاملة لإخلاء العاصمة طرابلس من كافة المظاهر المسلحة، وتمكين الأجهزة النظامية، من شرطة وجيش، من القيام بمهامها بشكل فعال.
تأتي هذه الخطوة في سياق محاولات المجلس الرئاسي لإعادة فرض سلطة الدولة في العاصمة التي شهدت خلال الأسابيع الأخيرة اشتباكات متكررة بين تشكيلات مسلحة تابعة لحكومة الوحدة الوطنية، ما أدى إلى توتر أمني واسع ومخاوف من عودة التصعيد العسكري.
لجنة حقوقية لمتابعة مراكز الاحتجاز
بالتوازي مع ذلك، شكّل المنفي لجنة حقوقية مؤقتة برئاسة قاضٍ مختص، تتولى متابعة أوضاع السجون ومراكز الاحتجاز في البلاد، وإجراء زيارات تفتيش ميدانية دورية، بالإضافة إلى مراجعة وحصر حالات التوقيف التي تمّت خارج نطاق السلطة القضائية، أو دون إحالتها إلى النيابة العامة.
وأوضحت بعثة الأمم المتحدة أن هذه الجهود تستجيب لمطالب متكررة من منظمات حقوقية محلية ودولية تطالب بضمان احترام القانون، وتحسين أوضاع المحتجزين، والحد من ظاهرة الاحتجاز التعسفي.
دعم أممي فني ومعايير دولية
في منشور رسمي عبر صفحتها على فيسبوك، رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بتشكيل اللجنتين، وأعلنت عن استعدادها لتقديم “الدعم الفني الكامل” لهما، بما يتماشى مع المعايير الدولية، ووفقًا لولايتها في البلاد.
وقالت البعثة إن “هذه اللجان تأتي في لحظة حاسمة يطالب فيها الشعب الليبي بإصلاحات جادة، ومؤسسات دولة خاضعة للمساءلة، ومبنية على قواعد ديمقراطية”.
وأضافت أن دعمها يشمل المساهمة في بناء القدرات، وتقديم المشورة الفنية اللازمة لتفعيل خطة الترتيبات الأمنية، وتعزيز آليات مراقبة حقوق الإنسان، خصوصًا في ظل ما وصفته بـ”الانتشار الواسع لحالات الاحتجاز التعسفي”.
خلفية الأزمة الأمنية والسياسية
ويأتي هذا التحرك بعد أسابيع من التوتر الأمني الذي شهدته العاصمة طرابلس، تخللته اشتباكات مسلحة بين فصائل تابعة لحكومة الوحدة الوطنية، إلى جانب موجة احتجاجات شعبية مناوئة للحكومة وأخرى داعمة لها، ما زاد من حدة الانقسام السياسي.
يُذكر أن ليبيا تعيش منذ عام 2021 حالة من الانقسام السياسي بين حكومتين متنافستين؛ الأولى هي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة المعترف بها دوليًا، ومقرها طرابلس، والثانية هي حكومة أسامة حمّاد المكلفة من مجلس النواب، ومقرها بنغازي، والتي تدير شرق البلاد ومدنًا في الجنوب.
نحو انتخابات شاملة تنهي الانقسام
تواصل بعثة الأمم المتحدة جهودها الرامية إلى تهيئة الظروف لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة، يعلق عليها الليبيون آمالًا كبيرة في إنهاء المرحلة الانتقالية المستمرة منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، ووضع حد لحالة الانقسام السياسي والصراعات المسلحة.
وترى الأمم المتحدة أن إصلاح المنظومتين الأمنية والحقوقية يُعدّ شرطًا أساسيًا لنجاح أي عملية سياسية شاملة، وتمهيد الطريق أمام استقرار مؤسسي دائم يعيد بناء الدولة الليبية على أسس القانون والعدالة.