في مشهد متكرر يعكس واقعًا قاسيًا يعيشه الفلسطينيون في المناطق المصنفة “ج” بالضفة الغربية، يواصل المستوطنون الإسرائيليون انتهاكاتهم بحق السكان الأصليين، مستخدمين أساليب ممنهجة لنهب الأرض وتغيير معالمها الديموغرافية والبيئية.
طرد الفلسطينيين من أرضهم
أحدث هذه الممارسات وقع اليوم في تجمع “شلال العوجا” شمال أريحا، حيث اقتحم مستوطنون مسلحون أراضي المواطنين، ورعوا أغنامهم في المراعي الفلسطينية المصادرة، في خطوة تهدف إلى فرض أمر واقع جديد بالقوة والسلاح.
هذه الحادثة ليست معزولة، بل تأتي في سياق سياسة توسعية واضحة تنتهجها مجموعات المستوطنين تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي، مستندة إلى عقيدة تهدف إلى طرد الفلسطينيين من أرضهم تدريجيًا. إذ لا يقتصر الأمر على الاستيلاء على الأرض فحسب، بل يتعداه إلى مصادرة الأعلاف والمراعي، ومنع أصحابها الأصليين من ممارسة أدنى حقوقهم المعيشية، مثل إخراج مواشيهم للرعي أو الوصول إلى مواردهم الطبيعية.
رفع الصوت الحقوقي
تجمع “شلال العوجا” واحد من عشرات التجمعات البدوية التي تواجه يوميًا هجمات تهدف إلى تفريغ الأرض من سكانها الأصليين، ما يعني أن الصراع القائم ليس فقط على الأرض، بل على الهوية والوجود وحق البقاء. أمام هذا الواقع، يجد الفلسطيني نفسه في مواجهة غير متكافئة، بين أعزل يتمسك بترابه التاريخي، ومستوطن مدجج بالسلاح يحظى بحماية رسمية ودعم لوجستي.
غير أن الفلسطيني، رغم المعاناة، لا يقف مكتوف الأيدي. فأبناء الأرض يواجهون العدوان بصمود مدني متجذر في الوعي الوطني، يتجلى في إعادة بناء ما يُهدم، ورعي المواشي في المناطق المصادرة رغم التهديد، ورفع الصوت الحقوقي في المحافل الدولية من خلال منظمات أهلية مثل “البيدر للدفاع عن حقوق البدو”، التي ترصد الانتهاكات وتنقلها إلى الإعلام والجهات المعنية.
هذا بالإضافة إلى حملات التضامن الشعبي والمتابعة القانونية عبر المؤسسات الحقوقية، التي تسعى لكبح جماح آلة التهجير الزاحفة من خلال الطعن في قرارات الإخلاء أو الاستيطان في المحاكم، رغم تعقيد المسار القانوني وندرة النتائج الفعلية.
سياسة تهويد الأرض
تُظهر هذه الحوادث المتكررة كيف أصبح الاستيطان الإسرائيلي أكثر من مجرد سياسة تهويد للأرض، ليغدو سلوكًا عدوانيًا يوميًا يُدار بأيدي المستوطنين المدعومين عسكريًا، في تحدٍ صارخ للقانون الدولي الإنساني.
ومع ذلك، فإن صمود الفلسطينيين في وجه هذا الزحف الاستيطاني، ومواجهتهم لاعتداءات المستوطنين على أراضيهم، يشكّل ركيزة أساسية في معركة البقاء، ورسالة مفادها أن الأرض لا تُحمى بالسلاح وحده، بل بالإصرار على الحق، والثبات في وجه القهر.