أعلنت الهيئة العامة للقوى العاملة في الكويت أن النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، أصدر تعميماً وزارياً يُلزم العمالة الوافدة في القطاع الأهلي بالحصول على إذن مسبق من صاحب العمل قبل مغادرة البلاد. القرار سيدخل حيّز التنفيذ بداية من يوليو 2025، ويشمل جميع العاملين الوافدين في القطاع الخاص.
الإجراء الجديد يشترط تقديم العامل طلبًا رسميًا يتضمن بياناته وتفاصيل سفره، على أن يُرفع إلكترونيًا عبر منصة مخصصة لهذا الغرض، مما يعكس توجهاً نحو الرقمنة والتدقيق في إدارة حركة العمالة.
الأهداف المعلنة: تنظيم وضبط المخالفات
بحسب البيان الرسمي الصادر عن الهيئة، فإن الهدف من التعميم هو “تنظيم عملية مغادرة العمالة الوافدة وضمان الالتزام باللوائح القانونية”، إلى جانب حماية حقوق طرفي العلاقة التعاقدية، أي العامل وصاحب العمل. كما أكدت الهيئة أن القرار جاء في ضوء تزايد المخالفات المرتبطة بمغادرة بعض العمال البلاد دون إخطار أو إذن، مما تسبب في نزاعات قانونية وإدارية.
ويرى مؤيدو القرار أنه يوفر أرضية قانونية أكثر استقرارًا لأصحاب الأعمال، ويحدّ من ظاهرة “الهروب” أو ترك العمل دون إنذار، وهي من الظواهر التي لطالما شكلت مصدر قلق للقطاع الخاص في الكويت.
جدل حقوقي: حماية أم تقييد؟
في مقابل الترحيب الرسمي، أثار القرار تساؤلات منظمات حقوقية ونشطاء في شؤون العمالة حول ما إذا كان هذا الإجراء سيؤدي فعلاً إلى حماية العمال، أم أنه يشكّل عبئاً بيروقراطياً جديداً قد يُستخدم كوسيلة ضغط أو تقييد لحرية التنقل.
ويرى البعض أن اشتراط إذن المغادرة يعكس فهماً غير متوازن للعلاقة التعاقدية، ويعيد الجدل حول نظام “الكفالة” بصيغته المستترة، إذ قد تُستخدم هذه الموافقة كأداة للابتزاز أو الانتقام من العمال الذين يطالبون بحقوقهم.
رقمنة الإجراءات: بين الفاعلية والرقابة
تشير الهيئة إلى أن الإجراءات ستتم بالكامل عبر منصة إلكترونية، مما يسهل المعالجة ويُفترض أن يقلل من الأخطاء أو التأخير. ومع ذلك، فإن غياب آلية واضحة للطعون أو شكاوى العمال الذين يُرفض طلبهم يثير تساؤلات حول مدى توفر ضمانات العدالة في هذا النظام.
ويبقى التساؤل مطروحًا: هل ستُطبّق هذه الضوابط بشكل حيادي ومنصف؟ أم ستُشكّل بوابة جديدة لتكريس الهيمنة الإدارية على حياة العمال الوافدين؟
انعكاسات محتملة على بيئة العمل
قد يُنظر إلى هذا الإجراء في إطار أوسع من السياسات التي تهدف إلى إعادة هيكلة سوق العمل الكويتي وضبط تركيبة العمالة الوافدة. ومع تزايد الحديث عن توطين الوظائف وتقليص الاعتماد على الأيدي العاملة الأجنبية، يمكن تفسير القرار كأداة لضبط تدفق العمالة ومراقبة تحركاتها ضمن منظومة أكثر إحكامًا.
غير أن هذا التحول لا يخلو من تداعيات، فقد يؤثر على جاذبية السوق الكويتي للعمالة الأجنبية، خصوصاً إذا ترافق مع غموض في الإجراءات أو تعقيد في تنفيذها.