أعلن الجيش الإسرائيلي إطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق تحت اسم “شعب كالأسد”، مشيرًا إلى أن عشرات الطائرات المقاتلة شاركت في ضربة جوية افتتح بها الهجوم في عمق الأراضي الإيرانية.
الضربة التي وصفتها مصادر عسكرية إسرائيلية بأنها قد تكون “حققت نتائج أفضل من المتوقع”، استهدفت وفق البيانات الأولية مواقع حيوية، ورافقها إعلان عن اغتيالات طالت شخصيات بارزة في هرم القيادة الإيرانية، مما قد ينذر بتصعيد إقليمي حاد يصعب احتواؤه.
ضربات نوعية واغتيالات صادمة
الضربة الإسرائيلية ترافقت مع أنباء نقلها التلفزيون الإيراني عن مقتل القائد العام للحرس الثوري حسين سلامي، وهي واحدة من أبرز الشخصيات الأمنية في النظام الإيراني، وهو ما يشكل اختراقًا أمنيًا كبيرًا وصدمة داخلية غير مسبوقة.
كما تحدثت التقارير الإيرانية عن احتمال اغتيال كلّ من محمد مهدي طهرانجي، رئيس جامعة “آزاد” الإسلامية، واللواء غلام علي، قائد مقر “خاتم الأنبياء”، وهو الذراع الهندسي العسكري التابع للقوات المسلحة الإيرانية، بالإضافة إلى فريدون عباسي، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية.
ورغم عدم تأكيد هذه الاغتيالات رسميًا من قبل السلطات الإيرانية حتى الآن، فإن تسريبها عبر وسائل إعلام رسمية يفتح الباب أمام فرضية الترجيح أكثر من النفي، ويكشف عن حجم الارتباك الداخلي إثر الضربة.
الخلفيات والدلالات الاستراتيجية
عملية “شعب كالأسد” لا تبدو مجرد جولة جديدة في حرب الظل بين إسرائيل وإيران، بل تحمل مؤشرات على تحوّل استراتيجي في قواعد الاشتباك. فلأول مرة يتم استهداف هذا العدد من القيادات الحساسة بشكل مباشر، وفي ضربة واحدة منسقة، ما يشير إلى عمل استخباراتي معقّد سبق العملية، وإلى رسائل واضحة بأن إسرائيل انتقلت من مرحلة الردع إلى مرحلة “تفكيك مفاصل القوة الإيرانية”.
يأتي ذلك في ظل استمرار إسرائيل في استثمار الزخم الذي أحدثته ضرباتها السابقة على منشأة نطنز النووية، والتي اعتُبرت ضربة موجعة للبنية التحتية النووية الإيرانية، لتُتبع هذه المرة بضربة استهدفت الأركان البشرية والعسكرية للنظام.
قراءة في الموقف الإسرائيلي
نقلت القناة 13 الإسرائيلية عن ضباط في الجيش الإسرائيلي إشادتهم بما وصفوه بـ”نتائج تتجاوز التوقعات”، ما يعكس ثقة تل أبيب بأن الضربة أصابت أهدافًا دقيقة وذات قيمة استراتيجية. كما أن تسمية العملية بـ”شعب كالأسد” تحمل بعدًا رمزيًا في الداخل الإسرائيلي، في محاولة لتعزيز صورة الحزم والشجاعة، وربما كجزء من حملة دعائية تمهيدًا لأي مواجهة إقليمية محتملة.
العملية، أيضًا، تقدم لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورقة قوة جديدة على الصعيد الداخلي، في ظل تراجع شعبيته والاحتجاجات المستمرة على سياساته. ويُعاد بذلك إنتاج صورة “الرجل القوي” الذي يضع أمن إسرائيل فوق كل اعتبار، حتى لو أدى ذلك إلى مواجهة مفتوحة.
تداعيات محتملة على المشهد الإقليمي
إذا ثبتت صحة الاغتيالات، فإن الرد الإيراني قد يكون عنيفًا وغير تقليدي. طهران، التي ترى في قادة الحرس الثوري رموزًا للعقيدة الثورية، لن تمرر ضربة بهذا الحجم دون رد، خاصة إن كانت قد استهدفت رأس هرم الحرس الثوري. كما أن ضربات انتقامية عبر أذرعها المنتشرة في المنطقة (حزب الله في لبنان، جماعات في العراق وسوريا واليمن) باتت شبه مؤكدة.
على المستوى الدولي، سيتعين على واشنطن والقوى الأوروبية التعامل مع واقع جديد قد يُفشل أي جهود لإعادة إحياء الاتفاق النووي أو فتح مسار دبلوماسي جديد، خصوصًا إذا انزلقت الأمور إلى حرب مفتوحة.
سيناريو الأيام المقبلة
الأيام القادمة ستكون حاسمة، ليس فقط لتأكيد تفاصيل الاغتيالات، ولكن أيضًا لرصد شكل وطبيعة الرد الإيراني. فإذا اختارت طهران الرد المباشر، فقد نكون أمام تصعيد كبير قد يتجاوز حدود الضربات الموضعية إلى حرب إقليمية مفتوحة. أما إذا لجأت إلى رد محدود، فإنها ستخاطر بفقدان هيبتها أمام جمهورها الداخلي.
ومع ذلك، فإن الرسالة الإسرائيلية وصلت واضحة: لا خطوط حمراء بعد اليوم.
لكن يبقى السؤال الأخطر: هل ستقف طهران عند حدود الاحتواء، أم ستدخل لعبة “كسر الإرادات”؟