إغلاق مطار بن غوريون الدولي، وهو الشريان الجوي الرئيسي في إسرائيل، يحمل دلالات سياسية بالغة تتجاوز البعد الأمني الظاهري، ويعكس حجم القلق الإسرائيلي من الرد الإيراني المحتمل عقب استهداف مواقع داخل الأراضي الإيرانية. الخطوة لا تشير فقط إلى تداعيات عسكرية مباشرة، بل تمثل إشارة واضحة إلى أن الداخل الإسرائيلي بات عرضة لتهديد استراتيجي غير مسبوق.
فقدان الثقة في الحصانة الجوية الإسرائيلية
من الناحية السياسية، يشكل إغلاق المطار إعلانًا غير مباشر بأن إسرائيل لم تعد بمنأى عن الردع. فهي التي طالما اعتمدت على تفوقها التكنولوجي والاستخباراتي لحماية عمقها المدني، تجد نفسها مضطرة اليوم إلى إغلاق مركزها الجوي الدولي خشية الاستهداف. هذا التحول في المعادلة يبعث برسالة قوية، سواء للإسرائيليين أو للعالم، بأن ساحة الصراع لم تعد محصورة في “الجبهات البعيدة” بل باتت تطال البنية التحتية الحيوية للدولة العبرية.
كما أن تهريب الطائرات المدنية من مطار بن غوريون إلى دول أوروبية، ونقل الطائرة الحكومية “جناح صهيون” إلى أثينا، لا يمكن فصله عن المخاوف من ضربات دقيقة قد تطال أهدافًا رمزية وسيادية. هذا يعكس تآكلًا تدريجيًا في الثقة بالحصانة الجوية الإسرائيلية، ويضع الحكومة أمام تحدي داخلي متصاعد يتعلق بكيفية حماية مؤسسات الدولة ورموزها.
فرص المعارضة لإفشال الحكومة
إغلاق المطار أيضًا له تبعات دبلوماسية. فهو يرسل إشارات للعواصم العالمية بأن المنطقة مقبلة على تصعيد قد لا تكون له حدود واضحة، مما قد يضغط على بعض الدول للتدخل سياسيًا، سواء عبر وساطات أو بفرض قيود على دعم أحد الطرفين. كما أنه ينعكس سلبيًا على صورة إسرائيل كـ”دولة آمنة” قادرة على جذب الاستثمارات واستضافة الأحداث الدولية.
أما داخليًا، فإن قرار الإغلاق يُعمق الشعور بالقلق بين الإسرائيليين، خصوصًا في تل أبيب والمناطق الوسطى، وقد يُستخدم كأداة سياسية من المعارضة لاتهام الحكومة بالفشل في تقدير العواقب المترتبة على التصعيد مع إيران. وقد يشعل ذلك احتجاجات جديدة أو يفاقم الانقسامات السياسية، في ظل حالة الاستقطاب القائمة بالفعل بسبب حرب غزة وسوء إدارة الأزمات.
مواجهة غير تقليدية
إغلاق مطار بن غوريون، إذًا، ليس مجرد إجراء أمني، بل إعلان صريح بأن إسرائيل تخوض مواجهة غير تقليدية، تتطلب إعادة تقييم لموقعها الإقليمي ومصير استراتيجيتها الأمنية، وسط بيئة دولية متقلبة وساحة إقليمية باتت أقل قابلية للسيطرة.