في هجوم جديد يعكس تصاعد العنف في إقليم دارفور، قُتل 13 مدنياً، بينهم 4 أطفال، وجُرح 42 آخرون إثر غارة جوية نفذتها طائرة مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع على مبنى زراعي يُستخدم كملجأ للنازحين في مدينة الفاشر، شمال دارفور.
وقال مسؤولون محليون إن بعض الجرحى، وبينهم 14 طفلاً، في حالات حرجة.
المبنى المستهدف، المعروف بـ”أبو حمرة الزراعي”، كان يؤوي عائلات فرت من الاشتباكات المتصاعدة التي تحاصر المدينة منذ شهور، في ظل انقطاع شبه تام للإمدادات الغذائية والطبية.
“الوضع كارثي”.. نداءات استغاثة من داخل المدينة المحاصرة
أكد الدكتور إبراهيم خاطر، مدير عام وزارة الصحة بشمال دارفور، أن المدينة تواجه “وضعاً إنسانياً كارثياً”، داعياً المنظمات الدولية والجهات الإنسانية إلى التدخل العاجل لإنقاذ المدنيين.
وقال خاطر في تصريح له، إن “المستشفيات بالكاد تعمل، والدواء شحيح، والطواقم الطبية مرهقة”، مشيراً إلى أن الغارة الأخيرة فاقمت الأزمة التي يعيشها السكان منذ بدء الحصار في أبريل الماضي.
مبانٍ مرتفعة تحولت إلى أهداف.. شهادات من قلب الجحيم
مع استمرار القصف وإغلاق الطرقات، لجأ العديد من السكان إلى المباني العالية اعتقاداً بأنها أكثر أماناً، لكنها سرعان ما أصبحت أهدافاً مباشرة للهجمات.
الناشط جعفر آدم قال: “الناس يعيشون في حالة رعب دائم. لا يوجد مكان آمن. حتى البنايات التي كانت تُعتبر ملاذاً أصبحت تحت نيران المسيّرات”، وأضاف: “نحن بحاجة إلى ممرات آمنة ومساعدات عاجلة. الأطفال ينهارون من الجوع، والأسر تفقد معيلها كل يوم”.
الناجون يصرخون: “أنقذونا قبل أن نفنى”
من جانبه، وصف النازح يوسف سليمان الغارة بـ”المجزرة البشرية”، مؤكداً أن العشرات من النساء والأطفال قضوا تحت الأنقاض. وقال: “نحن نُذبح بصمت. الوضع لا يُحتمل، ولا أحد يسمع نداءاتنا”.
وأشار إلى أن “النجاة من الغارة لا تعني النجاة من الجوع أو المرض. المصابون بلا علاج، والجوع يفتك بالصغار. نحتاج إلى إغاثة عاجلة قبل أن تتحول المدينة إلى مقبرة جماعية”.
محاولات السيطرة مستمرة.. والمقاومة تشتد
تسعى قوات الدعم السريع منذ أكثر من عامين للسيطرة على مدينة الفاشر ذات الأهمية الاستراتيجية، دون أن تنجح حتى الآن. ورغم تكرار الهجمات، تواصل القوات المسلحة السودانية الدفاع عن المدينة، في وقت تتعرض فيه مخيمات النازحين للقصف والتدمير.
وحذر مراقبون من أن استمرار القتال بهذا الشكل، دون تدخل دولي فاعل، ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة في إقليم دارفور، ويضع أكثر من نصف مليون مدني في دائرة الخطر المباشر.
الفاشر تنزف.. والضمير العالمي في اختبار
مع كل يوم يمر، تزداد معاناة سكان الفاشر. وبينما يسقط المدنيون ضحايا لغارات لا ترحم، يبقى المجتمع الدولي مطالباً بتحرك عاجل وحاسم، ليس فقط لحماية المدنيين، بل لإنقاذ ما تبقى من الأمل في هذه المدينة المنكوبة.