في مواجهة العدوان المتواصل على قطاع غزة والضفة الغربية، تواصل الحكومة الفلسطينية تحركاتها الدبلوماسية المكثفة في محاولة لحشد الدعم الدولي، والضغط على الاحتلال لوقف حربه المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني. وفي هذا الإطار، تتصدر التحركات التي يقودها رئيس الوزراء محمد مصطفى المشهد السياسي، إذ تأتي اتصالاته مع القادة الدوليين في لحظة إقليمية شديدة التعقيد، تحاول فيها إسرائيل استغلال التوتر في المنطقة لصرف الأنظار عن جرائمها المستمرة.
الزخم الدولي حول القضية الفلسطينية
المكالمة الأخيرة التي أجراها مصطفى مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي تعكس إدراك القيادة الفلسطينية لأهمية الحفاظ على الزخم الدولي حول القضية الفلسطينية، في ظل تصاعد الأحداث بين إسرائيل وإيران ومحاولات الاحتلال التعتيم على ما يجري في غزة والضفة والقدس. وقد شدد رئيس الوزراء خلال المكالمة على أن التصعيد الإقليمي لا يجب أن يكون مبررًا لتجاهل المجازر التي ترتكبها إسرائيل في القطاع المحاصر، مؤكدًا ضرورة استمرار الضغط الدولي لإنهاء الحرب، وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة.
الرسالة الأساسية التي تسعى الحكومة الفلسطينية لتثبيتها على الساحة الدولية هي أن العدوان الإسرائيلي ليس مجرد رد فعل ظرفي، بل هو امتداد لسياسات ممنهجة تهدف إلى تقويض الحقوق الفلسطينية، وفرض وقائع استعمارية جديدة بالقوة، سواء في غزة من خلال القصف والتجويع والنزوح، أو في الضفة الغربية والقدس من خلال التوسع الاستيطاني، والاقتحامات، والاعتقالات، والتهجير القسري.
إقامة دولة فلسطينية مستقلة
التحرك الفلسطيني لم يقتصر على البعد الإنساني، بل يندرج أيضًا في مسار أوسع يطالب بإطلاق عملية سياسية جادة متعددة الأطراف، تنهي الاحتلال وتُفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة. هذا الربط بين المسار الإنساني والمسار السياسي يمثل نقطة قوة في الخطاب الفلسطيني، إذ يعكس فهماً دقيقًا لضرورة استثمار التعاطف الإنساني الدولي مع غزة، لترسيخ حلول دائمة تُنهي دوامة العنف، لا مجرد التخفيف من حدّته مؤقتًا.
غير أن هذه الجهود تصطدم بعقبات كبرى، من أبرزها ازدواجية المعايير الغربية، وغياب إرادة سياسية حقيقية لدى بعض القوى الكبرى للضغط على إسرائيل. كما أن حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني تُضعف من فاعلية الصوت الفلسطيني الموحد في المحافل الدولية.
معركة الوعي والسياسة
ومع ذلك، فإن استمرار الحكومة الفلسطينية في الحراك الدبلوماسي، ومحاولاتها كسر العزلة الإسرائيلية المفروضة على غزة والقدس، يُعبر عن جهد مقاوم ومثابر، يسعى لتثبيت الرواية الفلسطينية، وتوثيق الجرائم، والدفع نحو مساءلة الاحتلال، وإن ببطء.
في هذا السياق، يصبح الحفاظ على الزخم الدولي، ومواجهة محاولات الاحتلال استغلال الانشغال العالمي بأزمات أخرى، جزءاً أساسياً من معركة الوعي والسياسة التي تخوضها القيادة الفلسطينية دفاعًا عن شعبها.