أعلن مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، من بيروت، أن أكثر من مليوني سوري من اللاجئين والنازحين عادوا إلى مناطقهم الأصلية منذ ديسمبر الماضي، واصفاً ذلك بـ”مؤشر أمل وسط التوتر المتصاعد في المنطقة”.
غراندي الذي التقى الرئيس اللبناني جوزيف عون، ناقش سُبل دعم العودة المستدامة، مشدداً على ضرورة “توفير دعم دولي أسرع وأكثر فعالية لإعادة بناء سوريا وتأمين عودة كريمة للاجئين”.
لبنان يطرح خطة العودة التدريجية: 300 ألف لاجئ قبل سبتمبر؟
في الوقت الذي تستضيف فيه لبنان نحو 1.5 مليون لاجئ سوري، منهم أكثر من 755 ألفاً مسجلون رسمياً، أطلقت الحكومة اللبنانية خطة لإعادة ما بين 200 إلى 300 ألف لاجئ قبل خريف هذا العام، والتي تنص على تقديم مبلغ 100 دولار لكل لاجئ يغادر طوعاً، مع إعفائه من الغرامات القانونية، بشرط توقيع تعهد بعدم العودة إلى لبنان كلاجئ.
الرئيس عون شدد على “تمسك لبنان بضرورة عودة السوريين بعد زوال أسباب نزوحهم”، داعياً المفوضية لتكثيف جهودها ومساعدة العائدين داخل الأراضي السورية.
من لبنان وتركيا.. موجات عودة متسارعة رغم العقبات
وفق أرقام المفوضية السامية، عاد أكثر من 500 ألف سوري من الخارج حتى يونيو، في حين أعلنت تركيا عن عودة أكثر من 273 ألف لاجئ سوري منذ ديسمبر الماضي.
تأتي هذه العودة رغم التحديات الكبرى، أبرزها دمار البنية التحتية، والأوضاع الاقتصادية الهشة، ونقص الخدمات الأساسية، ما يجعل العودة “ممكنة ولكن غير مضمونة الاستدامة”، بحسب تعبير غراندي.
سوريا بعد الأسد: مرحلة ما بعد العقوبات وبوادر التعافي
منذ الإطاحة بحكم الرئيس بشار الأسد في ديسمبر، وتولي الرئيس أحمد الشرع السلطة، تشهد سوريا تحركات حذرة نحو التعافي.
رفع العقوبات الغربية أعطى دفعة سياسية واقتصادية للسلطة الجديدة، التي تسعى لإطلاق مشاريع إعادة الإعمار بتكلفة تتجاوز 400 مليار دولار، لكن وفق المنظمة الدولية للهجرة، فإن “نقص الفرص الاقتصادية والخدمات الأساسية” يظل أكبر عقبة أمام تسريع وتيرة العودة.
13.5 مليون لاجئ ونازح: هل تنجح سوريا في استعادة سكانها؟
رغم عودة الملايين، لا يزال نحو 13.5 مليون سوري في عداد اللاجئين والنازحين، يعيش غالبيتهم في ظروف صعبة داخل المخيمات في شمال غربي سوريا، أو في دول الجوار.
الرهان الأكبر اليوم، وفق مراقبين، لا يقتصر على التحركات الأممية أو الحوافز المالية، بل على تحقيق الاستقرار الأمني، وإطلاق إصلاحات اقتصادية وخدماتية فعلية تشجع من تبقى على العودة الآمنة والطوعية.
بين التفاؤل والتحفظ.. هل تعود سوريا كما كانت؟
عودة أكثر من مليوني سوري في أشهر قليلة تفتح باب التفاؤل، لكنها لا تعني نهاية أزمة النزوح.
المرحلة القادمة مرهونة بتوازن دقيق بين الجهود السياسية، والدعم الدولي، وقدرة السلطات السورية على خلق بيئة حاضنة وآمنة لأبنائها العائدين، في وطن ما زال يلملم جراحه.