أعلنت السلطات التونسية، إزالة مخيم كبير للمهاجرين غير النظاميين في منطقة العامرة بمحافظة صفاقس، يضمّ نحو 1,500 شخص، وأكد المتحدث باسم الإدارة العامة للحرس الوطني، حسام الدين الجبابلي، أن فرقًا أمنية مشتركة نفذت عملية الإخلاء التي تُعدّ الخامسة من نوعها منذ بدء السلطات حملة الإزالات مطلع أبريل الماضي.
نقل المهاجرين إلى مراكز المنظمة الدولية للهجرة
أوضح الجبابلي أن المهاجرين نُقلوا على متن حافلات إلى مراكز تابعة للمنظمة الدولية للهجرة، في إطار جهود إعادة التوطين المؤقت.
جاء ذلك استجابةً للضغط المتزايد الذي تُشكله هذه المخيمات على مناطق جنوب تونس، خصوصًا صفاقس وجبنيانة، والتي أصبحت مراكز عبور رئيسية للراغبين في الوصول إلى أوروبا.
انخفاض أعداد الوافدين وتونس تؤكد مرجعيتها
أشاد المتحدث باسم الحرس الوطني بما اعتبره “انخفاضًا كبيرًا” في أعداد المهاجرين المتوافدين على سواحل تونس مؤخرًا، مؤكدًا أن بلاده باتت “مرجعية دولية” في التصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية، وأشار إلى أن السلطات التونسية تعمل جاهدة من أجل تفكيك شبكات الاتجار بالبشر التي تستغلّ المهاجرين.
منذ بدء حملة الإخلاءات مطلع أبريل، أُزيلت العديد من المخيمات الضخمة التي كان آخرها مخيم العامرة، الأكبر من نوعه بعد إخلاء مخيم العامرة وجبنيانة الذي كان يضم 4 آلاف مهاجر.
ورغم تكتم السلطات على الأماكن التي يتم نقل المهاجرين إليها لدواعٍ أمنية، أشارت مصادر محلية إلى توزيعهم على مراكز إيواء أخرى داخل البلاد، تمهيدًا لإعادتهم الطوعية إلى بلدانهم الأصلية.
دعوات لدعم جهود تونس دوليًا
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد دعا المنظمات الدولية إلى تكثيف الدعم المقدم لبلاده من أجل تسهيل العودة الطوعية للمهاجرين، وتفكيك عصابات الاتجار بالبشر التي تنشط في المنطقة، وأكدت وزارة الخارجية التونسية أن أكثر من 7,250 مهاجرًا غير نظامي أُعيدوا إلى بلدانهم منذ بداية 2024 بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة.
رغم جهود السلطات التونسية للسيطرة على ظاهرة الهجرة غير النظامية، أبدت منظمات حقوقية مخاوفها من ظروف الإخلاء المفاجئ للمخيمات وعدم وجود بدائل إنسانية كافية لإيواء المهاجرين، وطالبت منظمات محلية بضرورة احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتوفير الرعاية الصحية والدعم النفسي للمهاجرين أثناء نقلهم إلى مراكز الإيواء المؤقتة.
في محافظة صفاقس تحديدًا، شكلت ظاهرة التوافد الكبير للمهاجرين عبئًا على البنية التحتية والخدمات العامة، وأثارت جدلاً واسعًا بين سكان المنطقة. وقد دعا عدد من الأهالي إلى إيجاد حلول مستدامة تخفف من الاحتقان المجتمعي وتضمن التوازن بين الأمن المجتمعي والواجب الإنساني تجاه المهاجرين.
جهود دولية لمكافحة شبكات التهريب
في إطار الشراكة بين تونس والدول الأوروبية والمنظمات الأممية، تعمل الجهات المعنية على تعزيز قدرات قوات الأمن التونسية لملاحقة المهربين والمتورطين في شبكات الاتجار بالبشر. وتشير تقارير رسمية إلى أن هذه الشبكات أصبحت أكثر تعقيدًا وتستخدم وسائل تمويه متطورة لنقل المهاجرين، ما يتطلب استجابة أمنية واستخباراتية منسقة.
يرى خبراء أن الحل الجذري لأزمة الهجرة يكمن في معالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع المهاجرين إلى مغادرة بلدانهم، إلى جانب تعزيز التنمية المستدامة وتوفير فرص العمل في بلدان المنشأ.
وأكدوا أن تونس لن تتمكن وحدها من حل هذه الظاهرة العابرة للحدود، بل تحتاج إلى شراكة إقليمية ودولية شاملة لضمان استقرار المنطقة وأمنها.