تعهدت هانا تيتيه، الممثلة الخاصة للأمين العام ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بتقديم “خارطة طريق” جديدة ومحددة زمنياً لإحياء العملية السياسية المتعثرة في البلاد، وذلك خلال الجلسة القادمة لمجلس الأمن. جاء هذا الإعلان خلال إحاطتها الدورية التي قدمتها عبر الدائرة المغلقة من مقر البعثة في طرابلس، حيث أكدت سعي البعثة إلى إطلاق مبادرة سياسية شاملة وجذرية تستند إلى مشاورات موسعة مع مختلف الأطراف الليبية.
ووفق ما كشفت عنه مصادر خاصة لصحيفة “العرب”، من المنتظر الإعلان عن الخارطة منتصف أغسطس، على أن تتولى البعثة الأممية الإشراف على تنفيذها، بالاستناد إلى النقطة الرابعة من توصيات لجنة العشرين.
دعم دولي متجدد عبر “برلين 3”
تيتيه وصفت اجتماع لجنة المتابعة الدولية لعملية برلين الذي انعقد الجمعة الماضية، بأنه نقطة تحول مهمة في تجديد الالتزام الدولي بدعم الجهود الأممية في ليبيا. وأشارت إلى أن المشاركين حثوا الأطراف الليبية على تعزيز الهدنة في طرابلس، وأكدوا دعمهم للجنة الاستشارية التي تشكّلت برعاية البعثة لتقريب وجهات النظر حول القضايا الخلافية.
كما تقرر عقد اجتماعات منتظمة بين الفاعلين الدوليين من أجل تنسيق الدعم السياسي والفني للعملية التي ترعاها الأمم المتحدة، ما يعكس تحولا نحو مزيد من الانخراط الدولي المنظم، بعد شهور من التردد والانقسامات في المواقف الإقليمية.
لجنة استشارية في قلب العملية الجديدة
أشادت تيتيه بالدور الذي لعبته اللجنة الاستشارية في وضع تصورات قابلة للتنفيذ حول أبرز العقبات التي تعرقل التقدم السياسي، خصوصاً فيما يتعلق بالإطار الانتخابي وآليات توحيد مؤسسات الدولة. واعتبرت أن عمل اللجنة شكل قاعدة حيوية لبناء توافق وطني، خاصة بعد المشاورات التي أجرتها مع أطياف واسعة من الفاعلين السياسيين والأمنيين، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني.
وقدمت البعثة خلال اللقاءات مع اللجنة إحاطة تفصيلية عن التقدّم المحرز، مشيرة إلى أن المشروع الأممي الجديد يهدف إلى صياغة مسار سياسي واضح يقود إلى الانتخابات ويستند إلى جدول زمني ومعالم تنفيذية ملموسة.
ليبيا عند مفترق طرق
أكدت تيتيه في كلمتها أمام مجلس الأمن أن ليبيا تمر بـلحظة حاسمة في تاريخها السياسي، وأن نجاح المرحلة المقبلة مرهون بتكاتف الجهود المحلية والدولية. وكررت الدعوة إلى تشكيل حكومة موحدة قادرة على تمثيل جميع الليبيين، وتخضع للمساءلة أمامهم، في خطوة تمهد لإنهاء الانقسام المزمن وتوحيد المؤسسات.
كما شددت على أن الدعم الدولي لا يمكن الاستغناء عنه، وأن نجاح الخطة يتطلب إرادة سياسية حقيقية من الداخل الليبي، مدعومة بجهد أممي متماسك وتنسيق دولي فعّال.
تحديات التنفيذ واحتمالات الفشل
رغم الزخم الذي رافق الإعلان عن الخطة، تظل هناك تحديات جوهرية تواجه بعثة الأمم المتحدة، أبرزها:
-
غياب الثقة بين الأطراف السياسية.
-
تشظي المؤسسات الأمنية والإدارية.
-
تأثير الأطراف الإقليمية والدولية ذات المصالح المتعارضة.
في ضوء هذه المعوقات، فإن تنفيذ خارطة الطريق الجديدة سيعتمد على القدرة على تجاوز العراقيل الميدانية والقانونية، واستثمار الزخم الدولي في دعم تسوية تضمن الحد الأدنى من التوافق الوطني.
خاتمة: بين الأمل الأممي والواقع الليبي
تأتي خارطة الطريق المنتظرة في ظرف دقيق، وسط انقسام داخلي حاد وتشكيك في جدوى المبادرات السابقة. ورغم ما تحمله من آمال، فإن نجاحها سيتوقف على مدى قدرة الأمم المتحدة على فرض معادلة واقعية للحل، وعلى مدى استعداد الأطراف الليبية لتقديم تنازلات سياسية لصالح مشروع وطني جامع.
تبقى الكرة الآن في ملعب الليبيين أنفسهم، فالدعم الدولي وإن كان ضروريًا، لن يكون بديلاً عن إرادة سياسية محلية قادرة على صناعة السلام.