أصدر معهد الاقتصاد والسلام تقريره السنوي لمؤشر السلام العالمي لعام 2025، ليكشف عن صورة قاتمة لحالة السلم في العالم، حيث واصل المؤشر تراجعه للعام السادس على التوالي، في ظل اتساع رقعة النزاعات، وتنامي العنف السياسي، وتدهور الأوضاع الأمنية في عدد كبير من الدول.
سوريا بين الأسوأ عالميًا رغم نهاية الأسد
جاءت سوريا ضمن الدول الخمس الأقل سلمًا على مستوى العالم، وفق تصنيف التقرير، وهو ما يعكس استمرار الوضع الأمني المتدهور رغم نهاية حكم بشار الأسد أواخر عام 2024. فمع دخول البلاد مرحلة انتقالية، كان يؤمَل أن تؤسس لانفراج سياسي وأمني، إلا أن المؤشرات جاءت مغايرة، حيث ما تزال البلاد تعيش على وقع اشتباكات متفرقة، خصوصًا في المناطق الحدودية، إلى جانب أزمات إنسانية متفاقمة، وانعدام الثقة بالمؤسسات الناشئة.
ويشير التقرير إلى أن الحكومة الانتقالية، رغم الوعود المتكررة بإعادة الاستقرار، لم تحقق نتائج ملموسة حتى الآن، وسط مشهد سياسي معقّد، وفوضى أمنية تغذّيها التوترات العرقية والمناطقية، وغياب رؤية متكاملة لإعادة الإعمار.
روسيا في قاع الترتيب لأول مرة
في تحول غير مسبوق، حلت روسيا في المرتبة الأخيرة ضمن مؤشر السلام العالمي، لتكون للمرة الأولى في تاريخ المؤشر الدولة الأقل سلمًا على الإطلاق. ويفسر التقرير هذا التراجع الحاد بتداعيات الحرب المستمرة مع أوكرانيا، والتي شهدت تصعيدًا كبيرًا خلال العام 2024، خاصة بعد امتداد المعارك إلى الداخل الروسي.
ويبرز هجوم كورسك، الذي وقع في أغسطس 2024، كأول اختراق عسكري كبير للحدود الروسية منذ اندلاع الحرب، ما شكّل صدمة أمنية للنظام، وأدى إلى تصاعد حالة التوتر والعسكرة في الداخل، وانكماش الحريات، وتراجع ثقة المواطن بالسلطات الأمنية.
تدهور مستمر في أوكرانيا وسط العنف والانفلات
بدورها، واصلت أوكرانيا تراجعها على المؤشر، حيث أشار التقرير إلى استفحال ظواهر الجريمة المنظمة، وانتشار السلاح، وارتفاع معدلات العنف المجتمعي، نتيجة تآكل البنية الاجتماعية جرّاء الحرب الطويلة. وفي ظل عجز الدولة عن فرض سيطرتها على جميع المناطق، ومع استمرار التدخلات الخارجية، بات من الصعب الحديث عن مؤشرات سلام داخلي مستقرة.
السودان واليمن وأفغانستان: نزاعات بلا نهاية
لم يختلف المشهد كثيرًا في الدول التي تعاني من نزاعات مزمنة، إذ جاءت السودان واليمن وأفغانستان في ذيل الترتيب، محافظة على مواقعها كبيئات غير مستقرة أمنيًا. ويشير التقرير إلى أن السودان يعيش حالة انهيار شبه كامل للمؤسسات، بسبب الحرب الأهلية الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي تركت البلاد في حالة من الفوضى والعنف غير المنضبط.
أما اليمن، فرغم تراجع حدة العمليات القتالية الخارجية، إلا أن الوضع الداخلي لا يزال متفجراً، مع غياب أي تسوية سياسية شاملة. وفي أفغانستان، تبقى المؤشرات الأكثر إثارة للقلق، حيث يستمر تراجع مؤشرات الأمن المجتمعي، وارتفاع معدلات التطرف والعنف، وتقلص الحريات العامة، وسط غياب الاعتراف الدولي بالحكم القائم.
إسرائيل تتراجع بسبب حرب غزة
شهدت إسرائيل تراجعًا ملحوظًا في سلمها الداخلي، بعد الحرب التي اندلعت مع حركة حماس في أواخر عام 2023. وقد أشار التقرير إلى ارتفاع ملحوظ في معدلات العسكرة والإنفاق العسكري، فضلاً عن تداعيات أمنية داخلية أثّرت سلبًا على نسيج المجتمع الإسرائيلي.
ولم يتوقف الأمر عند حدود المعارك مع غزة، بل امتد إلى اضطرابات أمنية داخل المدن المختلطة، وارتفاع التوترات المجتمعية، ما ساهم في تدهور مؤشرات السلام الداخلي، مقارنة بتقارير السنوات السابقة.