أكد المستشار في الكرملين، يوري أوشاكوف، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يشارك حضورياً في القمة السنوية المقبلة لمجموعة “بريكس”، والمقرر عقدها الأسبوع المقبل في البرازيل، وذلك بسبب المخاوف المرتبطة بمذكرة التوقيف الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية. وقال أوشاكوف إن القرار “يرتبط بصعوبات معينة في سياق متطلبات المحكمة الجنائية الدولية”، مشيراً إلى أن الحكومة البرازيلية لم تتمكن من اتخاذ موقف واضح يسمح للرئيس الروسي بالمشاركة المباشرة.
وبدلًا من ذلك، من المرتقب أن يشارك بوتين في القمة عبر تقنية الفيديو، ليبقى بذلك على هامش الفعالية الميدانية التي تجمع قادة الدول الأعضاء في مجموعة بريكس.
مذكرة اعتقال معلقة منذ 2023 بتهم ارتكاب جرائم حرب
الرئيس الروسي أصبح رسميًا موضع اتهام من المحكمة الجنائية الدولية منذ مارس 2023، عندما أُصدرت بحقه مذكرة توقيف تتعلق بترحيل جماعي قسري لأطفال أوكرانيين من مناطق النزاع. وتتّهم المحكمة موسكو باختطاف عشرات الآلاف من الأطفال ونقلهم إلى الأراضي الروسية، حيث يُزعم أنهم خضعوا لعمليات “غسل هوية” أيديولوجية تهدف إلى سلخهم عن هويتهم الأوكرانية وفرض ثقافة وهوية قومية روسية عليهم.
وبحسب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية، فإن “نقل الأطفال قسراً من مجموعة إلى أخرى” يُعد أحد الأفعال الخمسة المعترف بها دوليًا بوصفها جريمة إبادة جماعية، مما يجعل هذه الممارسات موضع إدانة دولية متصاعدة.
البرازيل عاجزة عن تجاهل التزاماتها تجاه المحكمة الجنائية
باعتبارها دولة موقعة على نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، فإن البرازيل ملزمة قانونيًا باعتقال بوتين فور دخوله أراضيها، وهي معضلة وضعت حكومة الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في موقف دقيق. ففي عام 2023، تحدث لولا بدايةً بنبرة متهاونة عندما قلل من احتمالية توقيف بوتين إذا زار البرازيل، قبل أن يتراجع لاحقًا، مؤكدًا أن القرار في نهاية المطاف “منوط بالقضاء البرازيلي، وليس بالحكومة أو البرلمان”.
هذا التذبذب في الموقف يعكس الحرج الذي تواجهه الدول التي تحاول الموازنة بين التزاماتها القانونية الدولية، وعلاقاتها الاستراتيجية مع روسيا.
سابقة جنوب أفريقيا: التهديد الضمني بالحرب
وليس هذا أول موقف يُجبر فيه الكرملين على التراجع عن حضور قمة دولية. فقد واجه بوتين سيناريو مشابهًا في عام 2023، عندما كان من المفترض أن يحضر قمة بريكس في جنوب أفريقيا. إلا أن بريتوريا، رغم العلاقات المتينة مع موسكو، لم تتمكن من تقديم ضمانات كافية بعدم تنفيذ مذكرة الاعتقال الدولية، ما دفع بوتين حينها إلى الاعتذار عن المشاركة.
الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا قال حينها إن “روسيا أوضحت بجلاء أن اعتقال رئيسها أثناء ولايته سيكون بمثابة إعلان حرب”، وهو تصريح يعكس التوتر الكبير المحيط بهذه القضية، والضغوط الروسية المكثفة على الحلفاء لتجاهل قرارات المحكمة الجنائية الدولية.