كشفت منظمة الصحة العالمية عن أرقام صادمة بشأن تدهور الوضع الصحي في قطاع غزة، مؤكدة أن نحو 112 طفلًا يدخلون المستشفيات يوميًا لتلقي العلاج من سوء التغذية، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي الذي يزداد تشديدًا منذ بداية العام الجاري.
وقال المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في مؤتمر صحفي الجمعة، إن الوضع الإنساني في غزة “تجاوز مرحلة الكارثة”، مشيرًا إلى أن القطاع يعاني من انهيار شامل في منظومته الصحية، مع بقاء 17 مستشفى فقط تعمل جزئيًا من أصل 36، دون أي منشأة طبية فاعلة في شمال غزة أو رفح.
قتلى أثناء البحث عن الطعام وحرمان من الإغاثة الأممية
وفي تحذير يعكس حجم المأساة، أكد غيبريسوس أن نحو 500 فلسطيني قُتلوا أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء من نقاط توزيع المساعدات التي تُشرف عليها إسرائيل والولايات المتحدة، مستثنيةً بذلك قنوات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة، في انتهاك واضح لمبدأ الحياد الإنساني.
وأوضح أن الوصول إلى غزة ظل ممنوعًا تمامًا منذ الثاني من مارس الماضي، حتى سمح الاحتلال بإدخال وفد من المنظمة بشكل “محدود للغاية” خلال الأسبوع الجاري، ما يكشف عن حجم القيود المفروضة على دخول الفرق الطبية والمساعدات الإنسانية.
شلل في الإمدادات واحتياجات لا تجد طريقها إلى الغزيين
تواصل إسرائيل إغلاق معابر غزة بشكل كامل منذ نحو أربعة أشهر، حيث تمنع دخول شاحنات الإمدادات والمساعدات التي تراكمت عند الحدود، وتسمح فقط بمرور عشرات الشاحنات يوميًا، في وقت يحتاج فيه القطاع إلى ما لا يقل عن 500 شاحنة يوميًا لتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية والطبية.
وفي ظل هذا الشح، أكّد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن عدد الوفيات بسبب نقص الغذاء والدواء بلغ حتى 25 مايو الماضي 242 شخصًا، معظمهم من الرضع وكبار السن، ما يشير إلى أن المجاعة باتت تفتك بالفعل بالفئات الأضعف.
حصار مستمر منذ 18 عامًا وإبادة موثقة بدعم أمريكي
منذ السابع من أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربًا شاملة على قطاع غزة، وصفتها جهات حقوقية بأنها “إبادة جماعية”، تشمل القتل والتجويع والتهجير والتدمير الممنهج، بدعم مباشر من الولايات المتحدة، وبتجاهل فاضح لأوامر محكمة العدل الدولية بوقف العدوان.
وأسفرت هذه الحرب عن سقوط نحو 189 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، فيما شُرد مئات الآلاف من منازلهم، وبات نحو 1.5 مليون إنسان بلا مأوى بعد أن دُمرت مساكنهم بالكامل في الحرب المستمرة.
دعوات عاجلة لإنهاء الحصار وإنقاذ ما تبقى
وسط هذه الأرقام المفجعة، تتزايد الدعوات الدولية للضغط على إسرائيل من أجل إنهاء الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري ودون قيود، لكن تلك النداءات لم تلقَ حتى الآن استجابة فعلية من الدول الداعمة لتل أبيب، في ظل استمرار انهيار الأوضاع الصحية والمعيشية في القطاع المحاصر منذ 18 عامًا.