في تحوّل سياسي بارز، طرح لبنان مبادرة جريئة للولايات المتحدة تقضي بتسليم سلاح “حزب الله” للدولة مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي التي لا تزال تحتلها في جنوب البلاد. المبادرة التي كشف عنها مصدر رسمي، تُعد أول محاولة رسمية لصياغة تسوية شاملة تعالج أكثر الملفات حساسية في لبنان منذ عقود.
ورقة لبنانية موحدة.. وسلاح الحزب في قلب النقاش
أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون أن أي تنازل لبناني في ملف السلاح، يجب أن يُقابل بخطوات واضحة من إسرائيل تشمل الانسحاب من النقاط الخمس المحتلة في الجنوب، ووقف الاعتداءات الجوية والبرية، وكذلك إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين.
عون، الذي التقى رئيس الحكومة نواف سلام، يعمل على إعداد ورقة سياسية موحدة بالتنسيق مع رئيس البرلمان نبيه بري، لتُعرض لاحقاً على الحكومة وتُقدَّم للمبعوث الأميركي توماس باراك.
خطة الجيش اللبناني: سلاح مقابل سيادة
بحسب المصدر الرسمي، أعد الجيش اللبناني خطة تنفيذية متكاملة تتضمن استلام السلاح الثقيل من “حزب الله”، وحفظه أو إتلافه وفقاً للظروف، ونشر وحدات من الجيش في مناطق انسحاب القوات الإسرائيلية.
الرئيس عون أبلغ الحزب بأن “الصواريخ لم تعد مفيدة بعد الحرب الأخيرة”، في إشارة إلى تقاطع الرؤية بين القيادة اللبنانية والضغوط الإقليمية والدولية لنزع السلاح غير الشرعي.
باراك يضغط.. والحكومة تتحضّر
المبعوث الرئاسي الأميركي توماس باراك قدّم للبنان ورقة عمل من ثلاث نقاط، وهي نزع سلاح “حزب الله” وتسليمه للدولة، وانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة، وإطلاق ورشة إعمار في الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع.
وكشفت مصادر وزارية أن الحكومة اللبنانية ستعقد جلسة طارئة قريباً لمناقشة هذه البنود، تمهيداً لتسليم الرؤية اللبنانية النهائية خلال زيارة باراك الثانية في 7 يوليو.
وكان الزعيم الدرزي وليد جنبلاطؤ من أوائل من أيّد تسليم السلاح، قائلاً: “على الحزب أن يسلم سلاحه كما فعلنا نحن”.
كما صرّح النائب فيصل الصايغ بأن هناك موقفًا دوليًا واضحًا بضرورة تسليم السلاح على مراحل، ضمن جدول زمني أقصاه نهاية العام الجاري، على أن يُقابل كل تقدم لبناني بخطوة إسرائيلية مقابلة.
تحديات التنفيذ ومخاوف الانقسام
ورغم الحراك الرسمي والغطاء الدولي، تبقى العقبات قائمة، أبرزها رفض محتمل من إسرائيل لأي انسحاب دون ترتيبات أمنية صارمة، وموقف “حزب الله” الذي يرى في سلاحه “جزءاً من معادلة الردع”، وكذلك الخشية من خلل داخلي في ميزان القوى السياسي والأمني في البلاد.
لحظة مفصلية في تاريخ لبنان
لبنان، الذي دفع أثمانًا باهظة لحروب وصراعات داخلية وإقليمية، يبدو اليوم أمام فرصة نادرة لتسوية ملف شائك عمره أكثر من ثلاثة عقود. فهل تنجح المقايضة بين “سلاح الحزب” و”انسحاب إسرائيل” في فتح صفحة جديدة للاستقرار؟.. الأنظار تتجه إلى ما ستحمله زيارة باراك المقبلة… فإما ولادة تسوية تاريخية، أو انتكاسة جديدة.