لم تعد الدعوة لتجريد «حزب الله» من سلاحه حبيسة أروقة بعض القوى المعارضة، بل تحولت إلى موقف يتبناه عدد متزايد من القيادات اللبنانية، بمن فيهم بعض الحلفاء السابقين للحزب.
فقد عبّر النائب فيصل كرامي، رئيس «تيار الكرامة»، عن موقف لافت، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «موقفي من سلاح حزب الله هو ذاته موقف الدولة اللبنانية كما نص عليه الدستور: لبنان دولة ذات سيادة، والسلاح يجب أن يكون في يد الأجهزة الأمنية الشرعية فقط».
يأتي هذا التصريح في سياقٍ من التحوّلات السياسية المتسارعة التي تشهدها البلاد، حيث انضم كرامي إلى صفوف المطالبين بضرورة إخضاع قرار الحرب والسلم للدولة وحدها، وهو ما يتفق عليه أيضاً كل من رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.
الجنوب اللبناني.. ساحة قلق بدل العطلة
في جنوب لبنان، المشهد مختلف ولكن مترابط؛ فعلى الرغم من دخول فصل الصيف، إلا أن المنتجعات الحدودية التي كانت تعج بالزوار تحولت إلى مناطق شبه خالية. القلق من تصعيد عسكري إسرائيلي وانتهاكات متكررة دفع الكثير من السكان والسياح إلى الامتناع عن قضاء عطلتهم هناك.
أصحاب المنشآت السياحية يرفعون الصوت؛ خسائر مادية كبيرة، ومنشآت تضررت بفعل القصف أو بقيت مغلقة تحسباً لأي تطورات مفاجئة. بعضهم يقول: «حتى الهواء لم يعد آمناً… فكيف نستقبل زواراً؟».
الدولة الغائبة والسلاح المهيمن
يعكس الواقع الأمني في الجنوب صورة واضحة عن توازن هش، يفرضه سلاح غير شرعي خارج سيطرة الدولة. فبينما تؤكد الحكومة اللبنانية أنها تسعى لحماية أراضيها، تبقى يدها مغلولة في مناطق تُسيطر فيها قوى مسلحة بقوة الأمر الواقع.
ويرى مراقبون أن المطالبة بتسليم سلاح «حزب الله» ليست مجرد رفاهية سياسية، بل ضرورة وطنية لإنقاذ الدولة اللبنانية من خطر التفكك الأمني والمؤسساتي.
الموقف الشعبي.. ما بين الخوف والأمل
على المستوى الشعبي، تتزايد الأصوات، خاصة في الجنوب، مطالبة بعودة الدولة وبسط سيادتها الكاملة. فالكثير من الأهالي باتوا يشعرون أنهم عالقون بين تهديدات إسرائيلية مباشرة ومخاطر داخلية نتيجة تفرد حزب بالسلاح وقرار المواجهة.
تقول إحدى السيدات من بلدة قريبة من الحدود: «نريد أن نعيش بسلام، أن نصيف مثل باقي اللبنانيين… لكن لا سلاح حزب الله يحمينا ولا الدولة تُطمئننا».
مستقبل غامض.. هل تتحول الدعوات إلى قرار؟
في ظل الانقسام السياسي الداخلي، والانشغال الإقليمي والدولي بأزمات متداخلة، تبقى مسألة سلاح «حزب الله» معلقة. لكن ما هو مؤكد أن الشرخ اللبناني بشأن هذا السلاح يكبر يوماً بعد يوم، ومعه تضعف ثقة اللبنانيين بدولتهم، ويزداد الضغط الشعبي من أجل وضع حدّ لوضع استثنائي طال أمده.
فهل نشهد بداية تحول في الموقف اللبناني الرسمي؟ أم أن سلاح الحزب سيبقى عصياً على النقاش، كما كان لعقود؟.. السؤال مفتوح… والإجابات لا تزال رهن المجهول.