منذ نهاية الجولة الأخيرة من الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان، تراجع الدور الإغاثي والخدماتي لـ«حزب الله» بشكل لافت، لا سيما في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث تتكدس الأبنية المدمرة بانتظار إعمار لم يأتِ.
القرار الأخير للحزب بوقف المساعدات للمتضررين أثار استياءً شعبياً، خاصة أن تلك المساعدات لطالما شكلت ركيزة ثقة الأهالي في الحزب وذراعه «جهاد البناء».
ورقة أميركية تطرح: وقف الهجمات مقابل السلاح
في موازاة تراجع الأداء الخدمي للحزب، تكشف مصادر لبنانية مطلعة عن مقترح أميركي جديد يربط بين انسحاب إسرائيلي مشروط من الأراضي اللبنانية، وطرح ملف سلاح «حزب الله» على طاولة النقاش. المفاجأة أن الحزب، الذي كان يرفض تماماً مناقشة أي ملف يتعلق بسلاحه، بدأ فعلياً نقاشاً داخلياً مع قياداته حول المقترح، وإن كان لم يُبدِ موقفاً نهائياً بعد.
تقول المصادر إن الحزب «يخوض نقاشاً داخلياً صعباً» حول المقترح الأميركي، في ظل وضع اقتصادي متدهور، وضغوط إقليمية ودولية متزايدة، ما يجبره على مراجعة بعض الثوابت. ويأتي هذا النقاش ضمن لجنة تضم ممثلين عن الرؤساء الثلاثة في لبنان، وتعمل على صياغة الرد اللبناني الرسمي.
متغيرات إقليمية تحاصر الحزب من كل الجهات
التحولات في الإقليم، من التقارب السعودي الإيراني إلى الضغوط الأوروبية حول تهريب السلاح، تشكل مناخاً ضاغطاً على الحزب، قد يدفعه نحو تبني خيارات لم تكن مطروحة سابقاً.
وفي الداخل، يسود شعور متنامٍ لدى جمهور الحزب بضرورة إعطاء الأولوية للمعيشة وإعادة الإعمار على حساب الشعارات الكبرى.
هل يتخلى الحزب عن «قداسة السلاح»؟
بين واقع اقتصادي خانق ومقترحات سياسية جديدة، يواجه «حزب الله» اليوم اختباراً غير مسبوق: هل سيواصل التمسك بخياراته العسكرية أم يُعيد ترتيب أولوياته بما يتماشى مع المتغيرات؟.. الجواب لا يزال غير محسوم، لكن مجرد الدخول في النقاش… يُعد سابقة.
وبغض النظر عن مآلات النقاش، فإن ما يجري اليوم داخل أروقة «حزب الله» يشير إلى أن مرحلة جديدة بدأت تتشكل. مرحلة قد تفرض على الحزب إعادة تعريف دوره، ليس فقط في الداخل اللبناني، بل أيضاً في معادلة الإقليم.