في خطوة أثارت تساؤلات عدة في الأوساط السياسية والملاحية، أعلنت السلطات الإيرانية، الأربعاء، إغلاق المجال الجوي غرب ووسط البلاد أمام الرحلات الدولية العابرة، في حين أبقت على المجال الجوي الشرقي مفتوحًا. القرار المفاجئ يأتي في وقتٍ تتصاعد فيه حدة التوترات الإقليمية والدولية، ويعيد للأذهان مشاهد مشابهة في أوقات الأزمات.
تعليق جزئي.. وممرات بديلة للطائرات
أوضحت هيئة الطيران المدني الإيرانية أن الإغلاق يقتصر على مناطق معينة، مؤكدة أن الممرات الجوية شرق البلاد لا تزال تعمل بشكل طبيعي، مما يتيح للطائرات الدولية تعديل مساراتها بدلاً من إلغاء رحلاتها.
ومع ذلك، حذرت شركات الطيران العالمية من تأخير محتمل في بعض الرحلات نتيجة تغيير المسارات، خاصة بالنسبة للرحلات المتجهة من أوروبا إلى آسيا والخليج.
أسباب غير معلنة.. وتحليلات تُرجح الخلفية الأمنية
رغم صدور القرار بشكل رسمي، فإن السلطات الإيرانية لم توضح الأسباب المباشرة التي دفعتها لاتخاذ هذه الخطوة.
إلا أن مراقبين يرون أن الإغلاق قد يكون مرتبطاً باعتبارات أمنية داخلية، أو تحركات عسكرية إقليمية، أو حتى تحذيراً استراتيجياً على خلفية تصاعد التوتر مع الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة في ظل الحديث عن نشاطات جوية غير معتادة في المنطقة.
يرى محللون أن القرار قد يتجاوز البُعد الفني، ليحمل رسالة سياسية ضمنية. إذ أن إغلاق المجال الجوي لطالما كان ورقة ضغط أو إشارة دبلوماسية تستخدمها الدول في أوقات النزاع أو التفاوض. ويُرجّح أن إيران تسعى من خلال هذه الخطوة إلى توجيه رسالة للمجتمع الدولي مفادها أن أمنها الجوي “ليس مضموناً بالكامل”، وهو ما قد يشير إلى توتر محتمل تحت السطح.
شركات الطيران تراقب الوضع عن كثب
وفي ردود الفعل الأولية، أعلنت بعض شركات الطيران الدولية أنها بدأت بتعديل مساراتها الجوية تفادياً لاختراق المجال الجوي الإيراني، بانتظار تقييم شامل للمخاطر.
وأكدت وكالات الملاحة الأوروبية أن الإغلاق يشمل مناطق عبور حيوية، ما يستدعي التنسيق المستمر مع الهيئات الإيرانية المعنية لتحديث الخرائط والممرات الجوية.
يُذكر أن إيران سبق أن شهدت توترات متعلقة بمجالها الجوي، أبرزها في يناير 2020 حين أسقطت طائرة ركاب أوكرانية عن طريق الخطأ قرب طهران، ما أدى إلى مقتل جميع ركابها وأثار موجة من الغضب الدولي. ومنذ ذلك الحين، أصبح المجال الجوي الإيراني محور اهتمام كبير لدى شركات الطيران ووكالات السلامة الجوية العالمية.
رسائل في السماء.. والمشهد لا يزال مفتوحاً
في ظل غياب تفسير رسمي شامل، يظل قرار إغلاق المجال الجوي جزئياً محل تحليل ومراقبة. فهل هو إجراء وقائي قصير الأجل؟ أم تمهيد لتطورات ميدانية أوسع؟ وما الرسائل التي أرادت طهران توجيهها من خلال هذه الخطوة؟.. جميعها أسئلة مفتوحة تبقى معلقة في سماء المنطقة، بانتظار ما قد تحمله الأيام المقبلة من تطورات.