وسط احتقان سياسي وأمني متصاعد، تلوح في أفق العاصمة الليبية طرابلس نُذر مواجهة جديدة، في وقت تبدو فيه حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عازمة على خوض معركة تعتبرها “حاسمة”، بقيادة رئيسها عبدالحميد الدبيبة، الذي لا يخفي توجهه نحو الحسم العسكري، معلنًا أن العاصمة “لا تتسع لاثنين”، في إشارة مباشرة إلى القوى الأمنية والعسكرية الخارجة عن سلطته المباشرة.
مساعٍ خلف الكواليس لتعبيد الطريق أمام الحسم
مصادر مطلعة كشفت لـ”العرب” أن مستشار الأمن القومي إبراهيم الدبيبة توجّه قبل أيام إلى الدوحة، في زيارة غير معلنة، هدفها الرئيسي التوسّط لدى الجانب التركي لدعم خطط رئيس الحكومة للسيطرة الكاملة على مفاصل العاصمة، عبر عملية عسكرية محتملة.
وتفيد المعلومات أن المسؤول الليبي طلب من القطريين إقناع أنقرة بمنح قواته تسهيلات ميدانية، من بينها إخلاء مؤقت لغرفة العمليات التي يُديرها الأتراك من قاعدة معيتيقة الجوية، وذلك تمهيدًا لاستهداف أحد أهم معاقل القوة الأمنية في طرابلس، وهو موقع جهاز الردع الخاصة، الذي يمتلك سجن معيتيقة الواقع تحت إدارة الشرطة القضائية، ويتبع فعليًا للجهاز ذاته.
سجن معيتيقة في مرمى النيران
الخطة المطروحة تشمل استهداف سجن معيتيقة، الذي يخضع لنفوذ مباشر من جهاز الردع الخاص، ويُدار من قبل شخصية مثيرة للجدل هي أسامة نجيم، المطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية. ويُعد هذا الموقع أحد رموز الهيمنة الأمنية في طرابلس، ما يجعل استهدافه بمثابة إعلان مواجهة مفتوحة مع واحدة من أبرز القوى العسكرية الفاعلة على الأرض، والتي لم تُخفِ في مناسبات سابقة رفضها لأي محاولة لإقصائها بالقوة.
مشهد معقّد وتحذيرات من انفجار قريب
التطورات الأخيرة تعكس تصاعد التوترات بين الفرقاء الليبيين، وتؤشر إلى احتمال انزلاق الأوضاع مجددًا إلى العنف، في وقت لا تزال فيه البلاد دون إطار دستوري واضح أو مسار سياسي جامع. ويخشى مراقبون أن تؤدي أية مغامرة عسكرية جديدة في طرابلس إلى تقويض ما تبقى من استقرار نسبي، وتفتح الباب أمام تدخلات إقليمية مباشرة، في ظل تشابك المصالح بين الداعمين الإقليميين للفرقاء المتنازعين.
ورغم الغطاء السياسي الذي يسعى الدبيبة لتأمينه عبر القنوات القطرية والتركية، فإن أيّ تحرك ميداني ضد قوى أمنية راسخة في العاصمة قد يُقابل بمقاومة عنيفة، ويعيد رسم مشهد السيطرة والنفوذ في طرابلس، على نحو لا يمكن التنبؤ بعواقبه.