في وقتٍ تتسارع فيه الاستعدادات للانتخابات النيابية اللبنانية المقبلة، طفت على السطح أزمة جديدة تُثير مخاوف “حزب الله” وحلفائه، تتعلق باقتراع اللبنانيين المنتشرين في الخارج، والذي يُتوقع أن يكون مؤثراً وربما حاسماً في رسم المشهد السياسي بعد 2026.
مخاوف من التأثير الحاسم لصوت الخارج
تزايد الحديث داخل الأوساط السياسية اللبنانية عن الأثر المحتمل لصوت المغتربين، الذين يبلغ عدد من يحق لهم الاقتراع منهم قرابة مليون ناخب موزعين على القارات، يُنظر إلى هذه الكتلة الناخبة بوصفها ذات توجهات مختلفة عن الكتل التقليدية، وغالباً ما تعكس نبضاً احتجاجياً أو تغييريّاً يتعارض مع القوى التقليدية في الداخل.
عضو كتلة “الوفاء للمقاومة”، النائب علي فياض، قال صراحة إن “لا تكافؤ فرص في انتخابات المغتربين”، في إشارة إلى بيئات الخارج التي قد تكون أكثر حرية أو انفتاحاً على الخطاب المعارض لحزب الله. وأضاف: “من واجبنا أن نتفهم هواجس بعضنا البعض”، ما فُهم على أنه تمهيد لموقف متحفظ على توسيع دور الخارج في الانتخابات.
تحالف الثلاثي: مخاوف مشتركة
يرى مراقبون أن “حزب الله” و”حركة أمل” و”التيار الوطني الحر” يتشاركون القلق من نتائج قد لا تكون في صالحهم، إن تم تعديل القانون الحالي الذي يخصص فقط ستة مقاعد للمغتربين، موزعة على القارات. ويخشى هذا التحالف أن يؤدي التصويت الخارجي إلى قلب توازنات كانت مستقرة لصالحهم في الدوائر المحلية.
يقول الباحث السياسي محمد شمس الدين، إن السبب الأساسي وراء رفض تعديل القانون يعود إلى الخشية من نتائج غير مضمونة، خصوصاً في ظل التوجهات التغييرية التي ظهرت في انتخابات 2022، حيث صوّت قسم كبير من المغتربين لمرشحين من خارج الطيف التقليدي. ويصف انتخابات 2026 بأنها “مصيرية ومفصلية”، لكونها قد تعيد توزيع القوى داخل البرلمان اللبناني.
رغم أن مشاركة المغتربين تُعدّ حقاً ديمقراطياً مكفولاً في الدستور اللبناني، فإن هذا الحق يصطدم اليوم بحسابات القوى التقليدية، التي ترى في تصويت الخارج تهديداً لسيطرتها، نظراً إلى تباين البيئات السياسية بين الداخل والخارج.
الاستحقاق النيابي: من يربح المعركة القادمة؟
في ظل هذا الجدل، يبقى سؤال أساسي مطروحاً: هل تجرؤ القوى السياسية على الذهاب إلى انتخابات 2026 بقانون انتخابي يفتح المجال واسعاً لصوت المغتربين؟ أم أن تسويات اللحظة الأخيرة ستعود لتقيد هذا الحق وتُفرغه من مضمونه؟
الوقت وحده كفيل بالإجابة، ولكن المؤكد أن صندوق المغتربين لم يعد مجرد رقم، بل بات عاملاً يُحسب له ألف حساب.