أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الأميركي دونالد ترامب، خلال مكالمة هاتفية استغرقت قرابة الساعة، بأن موسكو لن تتراجع عن أهدافها في أوكرانيا، مؤكدًا أن العملية العسكرية ستستمر حتى تحقيق ما وصفه بـ”القضاء على الأسباب الجذرية” التي قادت إلى الحرب.
محادثة سادسة بين الرئيسين منذ عودة ترامب
تعد هذه المكالمة الهاتفية، التي كشف عنها الكرملين، السادسة منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي. ووفق ما صرّح به مساعد الكرملين يوري أوشاكوف للصحفيين، فإن ترامب أعاد طرح فكرة وقف مبكر للعملية العسكرية الروسية، إلا أن بوتين جدد موقفه الرافض لأي انسحاب أو تجميد للعمليات دون تحقيق أهداف الكرملين.
واستخدم الرئيس الروسي مجددًا مصطلح “الأسباب الجذرية” في شرحه للأهداف الروسية، وهو التعبير الذي تستخدمه موسكو لتبرير غزوها، باعتباره خطوة استباقية لمنع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
موقف غربي رافض وموقف أميركي أقل حدة
وفيما تواصل الدول الأوروبية وصف التدخل الروسي في أوكرانيا بأنه “عدوان إمبريالي” غير مبرر، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبدى، في أكثر من مناسبة، تفهمًا لمواقف روسيا، وإن لم يصل إلى حد الاعتراف بشرعية الغزو.
ورغم تأكيد بوتين على المضي قدمًا في العمليات العسكرية، أشار أوشاكوف إلى أن الرئيس الروسي لم يغلق باب التفاوض، موضحًا أن بلاده لا تزال “مستعدة لمواصلة الحوار”، شريطة تلبية شروط أساسية تتعلق بالسيادة والمصالح الروسية في الإقليم.
شروط موسكو لأي اتفاق محتمل
أوضح الكرملين أن أي تسوية محتملة يجب أن تتضمن تخلي كييف عن طموحاتها للانضمام إلى حلف الناتو، والاعتراف بسيطرة موسكو على الأراضي التي ضمتها خلال الحرب، بما في ذلك مناطق الشرق والجنوب الأوكراني.
كما أطلع بوتين الرئيس ترامب على اتفاقات تبادل الأسرى والجنود القتلى التي جرت بين روسيا وأوكرانيا في الشهر الماضي، واعتبرها دليلاً على إمكانية تحقيق “اختراقات إنسانية” حتى في ظل استمرار القتال.
توقف المساعدات العسكرية يثير قلق كييف
تزامن الاتصال بين بوتين وترامب مع إعلان البنتاغون عن تعليق بعض شحنات الأسلحة المقررة إلى أوكرانيا، في إطار مراجعة للقدرات اللوجستية والمخزون الأميركي. ووفق مصادر مطلعة، فإن الشحنات المتوقفة تشمل صواريخ دفاع جوي ومدفعية دقيقة التوجيه، وهي من بين الأسلحة التي تعتبرها أوكرانيا حيوية في مواجهة الهجمات الجوية الروسية والتقدم الميداني في الشرق.
وقد استدعت السلطات الأوكرانية القائم بأعمال المبعوث الأميركي في كييف للاحتجاج على هذه الخطوة، مؤكدة أن أي تأخير في المساعدات سيُضعف قدرتها على الدفاع عن أراضيها، خصوصًا في ظل تصعيد روسي متواصل.
مسار تفاوضي غامض وهدوء بعيد المنال
رغم التصريحات المتبادلة بشأن الرغبة في التفاوض، فإن المحادثات لا تزال تراوح مكانها، وسط غياب أي إعلان عن موعد جديد للجولة الثالثة من المفاوضات التي كانت مقررة في إسطنبول. ومع استمرار العمليات العسكرية، وغياب إجماع دولي على خطة سلام، يبقى الأفق مسدودًا، بينما تتزايد المخاوف من أن يتحول الصراع إلى حالة استنزاف طويلة الأمد، تُعيد رسم موازين القوة في شرق أوروبا لعقود قادمة.