في تصعيد جديد ينذر بتوسيع دائرة النزاع في الشرق الأوسط، أعلن الجيش الإسرائيلي، فجر الاثنين، أنه رصد إطلاق صاروخين من الأراضي اليمنية، في أعقاب غارات جوية نفذتها طائراته ضد أهداف تابعة لجماعة الحوثي.
التصعيد يطرح تساؤلات حول احتمالية فتح جبهة جنوبية جديدة ضد إسرائيل، وسط توتر إقليمي متصاعد في ظل حرب غزة المستمرة، واشتباكات في جبهات متعددة.
إطلاق صاروخين من اليمن
قال الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي عبر تطبيق “تلغرام” إنه رصد “محاولتي إطلاق صاروخين من اليمن”، مؤكداً تفعيل منظومات الدفاع الجوي، وصفارات الإنذار في مناطق عدة. وأضاف البيان أن “العمل جار على مراجعة نتائج الاعتراض”، من دون أن يكشف ما إذا كانت الصواريخ قد أصابت أهدافاً أم تم اعتراضها بنجاح.
جاءت عملية الإطلاق بعد ساعات فقط من إعلان الجيش الإسرائيلي عن تنفيذه “سلسلة غارات جوية دقيقة” على مواقع وصفها بأنها “بنى تحتية عسكرية تابعة للحوثيين في اليمن”، في خطوة قال إنها تهدف لمنع الجماعة من تنفيذ هجمات على إسرائيل.
وبينما لم يصدر تعليق فوري من جماعة الحوثي، يرى مراقبون أن هذه الضربة قد تكون دافعًا مباشراً وراء إطلاق الصواريخ، في رد سريع يؤشر على دخول اليمن مجددًا على خط التوترات الإسرائيلية.
هل اليمن جبهة الحرب القادمة؟
منذ أكتوبر 2023، ومع اشتعال الحرب في غزة، حاول الحوثيون مرارًا استهداف إسرائيل بصواريخ وطائرات مسيّرة، تم اعتراض معظمها من قبل منظومات الدفاع الإسرائيلية أو تحالف “أمان” البحري الذي تقوده واشنطن. لكنّ التصعيد الأخير يعيد طرح السؤال: هل تتجه إسرائيل إلى فتح مواجهة مباشرة مع الحوثيين؟
في ظل انشغال الجيش الإسرائيلي بجبهات مشتعلة في غزة ولبنان وسوريا، يمثل اليمن تحديًا إضافيًا، خصوصًا مع اتساع نطاق التهديدات من جبهة بعيدة جغرافيًا، وصعبة من الناحية الاستخباراتية واللوجستية.
مصادر عسكرية إسرائيلية لمّحت إلى أن الرد على أي تهديد قادم من اليمن سيكون “حاسمًا ومباشرًا”، بينما توقعت أوساط دبلوماسية أن تلجأ تل أبيب إلى تكثيف التنسيق مع الولايات المتحدة وشركاء إقليميين في البحر الأحمر.
إلى أين يتجه التصعيد؟
التحرك الحوثي يأتي في وقت بالغ الحساسية إقليميًا، حيث تتشابك خيوط الحرب بين عدة أطراف: توترات غير مسبوقة بين إسرائيل وحزب الله على الجبهة الشمالية، وقصف متكرر لمواقع في سوريا، وحرب مفتوحة في غزة منذ أكثر من 8 أشهر
في هذا السياق، يُطرح التساؤل الأهم: هل أصبح الشرق الأوسط على أعتاب انفجار إقليمي شامل؟
كشف خبراء ومحللون أن رد الصواريخ من اليمن تطورًا بالغ الدلالة، ويكشف عن هشاشة التوازن الأمني في المنطقة.
وبينما تراجع إسرائيل نتائج الاعتراض وتحلل الرسائل السياسية من صنعاء، تبقى كل السيناريوهات مفتوحة، في مشهد إقليمي تتداخل فيه الجبهات، وتتسابق فيه الصواريخ مع الدبلوماسية العرجاء.
ورد الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قائلا: إن الهجمات الحوثية على إسرائيل عبر البحر الأحمر ليست بالضرورة مؤشراً على فتح جبهة شاملة، بل تُستخدم كورقة ضغط إيرانية في إطار الردع غير المباشر.
وأضاف: اليمن تمثل ذراعاً إقليمياً لإيران، والحوثيون يبعثون برسائل سياسية أكثر من عسكرية”، مردفا: “إسرائيل تتفادى الرد المباشر حالياً لتجنب توسيع رقعة الصراع، لكنها ترصد تحركات دقيقة في صنعاء وصعدة”.
فيما قال اللواء محمد الغباري، الخبير العسكري ومدير كلية الدفاع الوطني الأسبق، إن استمرار إطلاق الصواريخ من اليمن قد يدفع إسرائيل إلى توجيه ضربات دقيقة لمواقع الحوثيين، خاصة إذا تم اعتراض صواريخ موجهة إلى العمق الإسرائيلي.
وذكر : “إسرائيل لا تعتبر اليمن جبهة رئيسية حتى الآن، لكنها قد تتحول لذلك إذا أصبحت تهديداً ثابتاً”، موضحا أن نوعية الصواريخ المستخدمة وتطورها التقني سيحدد مستوى الرد الإسرائيلي، مشيراً إلى أن الحوثيين أصبحوا جزءاً من محور “الرد الموحد” مع حزب الله وحماس.
فيما يرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن الحوثيين يدركون أن فتح جبهة شاملة مع إسرائيل قد يكلّفهم كثيراً عسكرياً وشعبياً، لذلك فإن تصعيدهم محسوب ويرتبط بالتطورات في غزة ولبنان.
“إيران تستخدم الحوثيين كجزء من رسائلها المتقطعة، وليس لتفجير حرب إقليمية شاملة”، مؤكداً أن التصعيد حتى الآن “تكتيكي”.