في تصريحات نارية أثارت ضجة في الأوساط السياسية والإعلامية، وجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، اتهاماً مباشراً لإسرائيل بمحاولة اغتياله، خلال مقابلة خاصة مع الإعلامي الأميركي الشهير تاكر كارلسون، في أول حوار له مع وسيلة إعلام غربية منذ توليه المنصب عقب وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي.
«حاولوا قتلي.. وكانوا يعرفون موقعي»
خلال المقابلة التي بثّها موقع الرئاسة الإيرانية وتداولتها وسائل إعلام دولية، أكد بزشكيان أن إسرائيل هي الطرف الذي حاول استهدافه بشكل مباشر خلال جولة التصعيد الأخيرة في المنطقة، قائلاً: كنت في اجتماع مهم مع عدد من كبار المسؤولين… قصفوا المنطقة التي كنا نُجري فيها اللقاء.لم تكن الولايات المتحدة خلف العملية. كانت إسرائيل، بشكل واضح ومباشر.
وأضاف بحدة: تحركوا نحو قتلي، لكنهم فشلوا. نحن نعلم من يقف وراء الهجوم، ولن نسمح بتكرار مثل هذا التصعيد.
شرط «الثقة» للعودة إلى المفاوضات
وفي إشارة إلى مستقبل المحادثات النووية والملفات الإقليمية المتوترة، قال بزشكيان إن بلاده لا تعارض العودة إلى طاولة المفاوضات، لكن على المجتمع الدولي أن يضمن بيئة آمنة للحوار.
وأوضح الرئيس الإيراني: لا يمكننا أن نتفاوض تحت القصف. كيف يمكن أن نثق بعملية سلام والكيان الصهيوني يضربنا أثناء الجلوس إلى طاولة الحوار؟.
وطالب بوقف فوري للهجمات الإسرائيلية كشرط مسبق لأي محادثات قادمة، مضيفاً: «الثقة هي المفتاح. إذا استمرت الاستفزازات، فلن يكون هناك أي معنى للمفاوضات».
طهران: الهجوم جزء من سياسة «الردع المسبق» الإسرائيلية
من جهتها، لم تصدر تل أبيب تعليقاً رسمياً على تصريحات بزشكيان، لكن مصادر استخباراتية إسرائيلية تحدثت سابقاً عن تكثيف العمليات الاستباقية ضد ما وصفته بـ«القيادات المحرّكة للأنشطة العدائية» في إيران وسوريا ولبنان.
ويأتي اتهام بزشكيان في وقت يتصاعد فيه التوتر الإقليمي، خاصة بعد القصف الإيراني على جنوب إسرائيل، وردود الفعل الدولية المتحفظة على دور طهران في دعم الفصائل المسلحة.
رسائل مزدوجة إلى الغرب و«الداخل الإيراني»
يرى مراقبون أن الرئيس الإيراني الجديد يوجّه من خلال هذه التصريحات رسائل سياسية مزدوجة:
للخارج: تأكيد على أن إيران ضحية لـ«العدوان الإسرائيلي»، وليست من يشعل الفتيل.
للداخل: بزشكيان، الذي يُنظر إليه على أنه «إصلاحي حذر»، يسعى لترسيخ صورته كزعيم قوي لا يخشى المواجهة، وفي الوقت ذاته منفتح على الحوار بشروط.
التوتر الإقليمي مرشح للتصعيد
تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد غير مسبوق في العنف بمنطقة الشرق الأوسط، وتحديداً على جبهتي غزة ولبنان، مع تقارير عن قصف متبادل واغتيالات بطائرات مسيّرة، إضافة إلى التوتر المستمر في مضيق هرمز.
كما تتزامن الاتهامات الإيرانية مع تحرّك دبلوماسي أميركي حثيث لاحتواء التصعيد، وسط محاولات أوروبية لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
يعتقد بعض المحللين أن هذا الاتهام العلني غير المسبوق من رئيس إيراني لإسرائيل بمحاولة اغتياله، قد يعقّد المسار الدبلوماسي، ويزيد من حدة المواجهة غير المباشرة بين الطرفين.
في المقابل، قد تُسهم هذه التصريحات في حشد التأييد الدولي لموقف طهران، خاصة إذا قدّمت أدلة ملموسة على محاولة الاغتيال.
ويبدو أن بزشكيان لا يبدأ ولايته بهدوء، فاتهاماته الحادة ضد إسرائيل، وموقفه المتشدد من «الهجوم أثناء الحوار»، تشير إلى أن المرحلة المقبلة ستكون مليئة بالمفاجآت، إما باتجاه التصعيد، أو باتجاه صفقة كبرى تُبرم في ظل «التوتر المُضبوط».