كشف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن تفاصيل جديدة لمفاوضات متقدمة جرت بين طهران وواشنطن، كادت أن تسفر عن “إنجاز تاريخي”، قبل أن تُفجّر الغارات الإسرائيلية على إيران المسار الدبلوماسي، وتعيد المنطقة إلى حافة المواجهة.
إنجاز ضائع بسبب “الغارات”
في مقال نشرته صحيفة فايننشال تايمز، قال عراقجي إن بلاده والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف كانا على بعد “48 ساعة فقط” من عقد الاجتماع السادس الحاسم ضمن سلسلة مفاوضات سرية جرت على مدى تسعة أسابيع، وحققت -بحسب تعبيره- “أكثر مما حققته 4 سنوات من التفاوض مع إدارة بايدن الفاشلة”.
لكن الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية وبنية تحتية للصواريخ الباليستية الإيرانية يوم 13 يونيو/حزيران الماضي “نسفت كل شيء”، وفقًا لعراقجي، الذي شدد على أن بلاده “قاومت العدوان بقوة، وأجبرت إسرائيل على اللجوء لترامب لإنهاء حرب بدأتها هي”.
اهتمام متجدد بالدبلوماسية.. لكن بشروط
رغم التطورات العسكرية، أكد عراقجي أن إيران “لا تزال مهتمة بالحلول الدبلوماسية”، لكنه أشار إلى “أسباب وجيهة للشك” في إمكانية استمرار الحوار، ما لم تظهر الولايات المتحدة “استعداداً حقيقياً لاتفاق عادل”.
وأضاف أن طهران تلقت في الأيام الأخيرة “رسائل مشجعة” من واشنطن تفيد بإمكانية العودة إلى المفاوضات، مشدداً على التزام بلاده “ببرنامج نووي سلمي تحت رقابة الأمم المتحدة، بصفتها دولة موقعة على معاهدة منع الانتشار النووي”.
ترامب: حددنا موعدًا للمحادثات
من جانبه، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض مساء الاثنين إن “موعد المحادثات مع إيران تم تحديده، وهم يريدون التحدث”، في إشارة إلى إمكانية استئناف المفاوضات خلال الأسبوع المقبل، بحسب ما أكده ويتكوف لاحقًا.
كما عبّر ترامب عن رغبته في رفع العقوبات المفروضة على إيران “في الوقت المناسب”، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً على رغبة أميركية في التهدئة.
بروكسل تعرض الوساطة
في السياق ذاته، أعلنت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن بروكسل مستعدة “لتسهيل استئناف المفاوضات” بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وأكدت كالاس، في منشور على منصة “إكس”، ضرورة “استئناف التعاون بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في أقرب وقت”، محذرة في الوقت ذاته من أن “أي تهديد بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي لن يُساهم في تخفيف التوترات”.
تحذير أوروبي من تصعيد جديد
مصدر دبلوماسي فرنسي صرح بأن القوى الأوروبية قد تضطر إلى إعادة فرض عقوبات أممية على طهران، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد يحفظ المصالح الأمنية الأوروبية، في إشارة إلى قلق غربي متصاعد من تداعيات فشل المسار الدبلوماسي.
هل تعود لغة الحوار؟
بعد أسابيع من التصعيد، تعود لغة الحوار لتفرض نفسها مجددًا، لكن في مناخ مشحون بالحذر والشكوك. طهران تريد ضمانات، وواشنطن تلوّح بالمرونة، فيما تسعى أوروبا لإحياء الوساطة. لكن يبقى السؤال: هل ما ضاع يمكن استعادته؟