قُتل عدد من عناصر الجيش السوري، اليوم الاثنين، في محافظة السويداء جنوب البلاد، جراء تعرضهم لهجوم مباشر من مجموعات وُصفت بـ«خارجة عن القانون»، بحسب ما أعلنته وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا».
وذكرت الوكالة أن الجنود كانوا بصدد الانتشار لاحتواء التوتر ووقف الاشتباكات المسلحة التي اندلعت في عدد من أحياء المدينة، عندما جرى استهدافهم، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى، فيما أفادت مصادر محلية بمقتل أربعة عناصر على الأقل.
وزارة الدفاع: «أحداث دامية» و100 جريح
وزارة الدفاع السورية أصدرت بياناً نادراً أبدت فيه «الحزن والقلق» تجاه ما وصفته بـ«التطورات الدامية» في السويداء، مؤكدة أن الأحداث خلال اليومين الماضيين أسفرت عن مقتل أكثر من 30 شخصاً، وإصابة نحو 100 آخرين.
وأضاف البيان أن الجيش بدأ بنشر وحدات عسكرية متخصصة بالتنسيق مع وزارة الداخلية، لتأمين المناطق المتأثرة وتوفير ممرات آمنة للمدنيين.
وجاء في البيان: “الفراغ المؤسساتي الذي صاحب اندلاع الاشتباكات ساهم في تفاقم مناخ الفوضى، وأعاق تدخل الأجهزة الأمنية لضبط الوضع”.
خلفية الاشتباكات: سرقة تحولت إلى معركة
مصادر محلية ومراسلون ميدانيون أشاروا إلى أن الشرارة الأولى للاشتباكات اندلعت إثر سرقة سيارة على طريق دمشق – السويداء، يُعتقد أن منفذيها من البدو، ما دفع أفراداً من أبناء الطائفة الدرزية إلى مطاردتهم، قبل أن تتطور الواقعة إلى اشتباكات عنيفة استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والخفيفة.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن المنطقة شهدت انتشاراً كثيفاً لقوى الأمن الداخلي، في محاولة لاحتواء الموقف، لكن المشهد الأمني سرعان ما تصاعد.
توتر متجدد في الجنوب السوري
السويداء، التي تُعرف بتماسكها المجتمعي النسبي، شهدت في الأشهر الماضية موجات من التوتر، من بينها اشتباكات بين فصائل محلية وقوات حكومية في شهري أبريل ومايو الماضيين، خلّفت عشرات القتلى والجرحى، ما يعكس هشاشة الأمن في المحافظة.
وبرغم الهدوء الحذر الذي تبع تلك الأحداث، أعاد الهجوم الأخير ووقوع قتلى في صفوف الجيش إشعال التوترات، وسط مخاوف من اتساع رقعة الاشتباكات وتحولها إلى أزمة أمنية شاملة.
مخاوف من التصعيد وفقدان السيطرة
محللون يرون أن ما يجري في السويداء ليس مجرد حادث عرضي، بل جزء من مشهد أوسع للفوضى المتنامية في جنوب سوريا، حيث تتقاطع المعاناة الاقتصادية، مع الانفلات الأمني وغياب مؤسسات الدولة.
ويحذر مراقبون من أن استمرار الفراغ المؤسسي، وتدهور الأوضاع الخدمية والمعيشية، قد يُفضي إلى نشوء بيئة خصبة للصراعات الطائفية والمناطقية، وعودة السيناريوهات الدموية في محافظة طالما بقيت خارج دائرة الصراع المباشر منذ 2011.
وفي ظل هذه المعطيات، يُنتظر من الحكومة السورية خطوات أكثر حزماً، سواء عبر ضبط السلاح المنتشر في أيدي المجموعات المسلحة، أو إعادة تفعيل السلطة الأمنية والقضائية بشكل متوازن في محافظة السويداء.
كما تلوح في الأفق دعوات أهلية لاحتواء الفتنة ومنع انزلاق المحافظة نحو مواجهات مفتوحة بين مكونات اجتماعية تعايشت طويلاً رغم الظروف الصعبة.
ختاماً، يبقى السؤال مفتوحاً: هل يتمكن الجيش السوري، بالتعاون مع القوى المحلية، من ضبط الأوضاع في السويداء، أم أن الجنوب السوري مُقبل على مرحلة جديدة من التصعيد الأمني؟