تشير الوقائع المستمرة في قطاع غزة، خصوصاً في محيط مراكز الإغاثة، إلى نمط متصاعد من استهداف المدنيين الفلسطينيين الذين يتجمعون على أمل الحصول على المساعدات الإنسانية، في وقت تشهد فيه المناطق الوسطى والجنوبية من القطاع أوضاعاً إنسانية مأساوية. فوفقاً للمصادر الطبية وتقارير وكالات الأنباء، تكررت عمليات القصف التي طالت مدنيين عُزّل كانوا بانتظار المساعدات، ما يشير إلى تحول هذه المواقع، التي يُفترض أن تكون ملاذاً آمناً، إلى نقاط خطر مميت.
تفاقم الأزمة الإنسانية
الهجوم الأخير الذي أودى بحياة 16 شخصاً وأصاب ما يقرب من 100 آخرين في استهداف مباشر لمنطقة تجمع للمدنيين في وسط القطاع، يعكس تفاقم الأزمة الإنسانية وغياب أي ضمانات حقيقية لحماية السكان من العمليات العسكرية. ومع استمرار تصاعد أعداد القتلى والمصابين—بحيث وصل إجمالي الضحايا منذ السابع من أكتوبر إلى أكثر من 55 ألف قتيل—يُصبح من الواضح أن مراكز توزيع المساعدات لم تعد محيدة عن الاستهداف العسكري، رغم الطابع المدني والإنساني الذي تتمثل فيه.
التقارير تشير إلى أن الاستهداف لا يقتصر على تجمعات الأفراد فحسب، بل شمل أيضاً منشآت حيوية مثل مصنع السولار المحلي في منطقة الزوايدة، وهو ما يساهم في مزيد من تدهور الأوضاع المعيشية في قطاع يعتمد بشكل كبير على مصادر الطاقة المحدودة أصلاً، نتيجة الحصار والإغلاق.
الاحتلال يهاجم المناطق ذات الكثافة السكانية
الانتهاكات المستمرة ضد المدنيين، لا سيما أولئك الذين يتواجدون في محيط مراكز الإغاثة، تضع علامات استفهام حول فاعلية التنسيق الدولي لإيصال المساعدات وضمان سلامة المدنيين. كما تعكس هشاشة الوضع الإنساني في ظل غياب ممرات آمنة أو ترتيبات ميدانية تضمن إيصال الغذاء والدواء دون تحويل نقاط التوزيع إلى أهداف عسكرية.
وتزداد خطورة هذا الواقع في ظل استخدام طيران الاحتلال تكتيكات هجومية في مناطق ذات كثافة سكانية عالية، مع غياب أي إشارة إلى التزام بالقانون الدولي الإنساني الذي يفرض حماية المدنيين ويمنع استهداف أماكن توزيع الغذاء والماء.
فشل المنظومة الدولية
ما يجري في غزة ليس مجرد أرقام تتحدث عن ضحايا، بل هو تعبير عن فشل المنظومة الدولية في وقف نزيف الدم وضمان الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية لسكان يعيشون واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية المعاصرة تعقيداً. استمرار استهداف المدنيين في أماكن انتظار الإغاثة يُعدّ مؤشراً مأساوياً على اتساع رقعة المأساة، ويزيد من تعقيد الجهود الرامية إلى تحقيق تهدئة أو خلق أفق إنساني مؤقت.