في أول زيارة خارجية له منذ توليه مهام الرئاسة اللبنانية، يستعد الرئيس جوزاف عون للتوجه إلى الجزائر خلال الأيام القليلة المقبلة، بدعوة رسمية من نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، في خطوة تعكس توجهًا لبنانيًا نحو إعادة تنشيط العلاقات العربية وتعزيز الانفتاح السياسي والاقتصادي على دول الجوار.
زيارة استراتيجية لتدشين مرحلة جديدة
اللقاء المرتقب بين الرئيسين عون وتبون يأتي في سياق اهتمام متبادل بين بيروت والجزائر بتطوير العلاقات الثنائية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي يواجهها لبنان، والدور المتزايد للجزائر كوسيط دبلوماسي وداعم للاستقرار العربي.
وكان الرئيس عون قد استقبل السفير الجزائري في لبنان، كمال بوشامة، في قصر بعبدا، حيث بحث الطرفان التحضيرات الجارية للزيارة، والتي يُتوقع أن تشمل ملفات التعاون في مجالات الطاقة، التعليم، والتبادل التجاري، إلى جانب القضايا السياسية على الساحتين الإقليمية والدولية.
الجزائر.. دعم عربي مستمر
أثنى الرئيس اللبناني على مواقف الجزائر التاريخية إلى جانب لبنان، لا سيما في المحافل الدولية، مؤكدًا أن الجزائر لعبت دورًا بارزًا في دعم القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ومساندة لبنان في اجتماعات مجلس الأمن الدولي.
في المقابل، أكدت الجزائر حرصها على الوقوف إلى جانب لبنان في محنته الاقتصادية، وتشجيع الحلول السلمية للأزمات الداخلية، مع التأكيد على احترام سيادة الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية.
تفعيل العلاقات مع العراق أيضًا
وقبيل توجهه إلى الجزائر، التقى الرئيس عون بالرئيس الجديد لبعثة العراق الدبلوماسية في بيروت، السفير محمد رضا الحسيني، لبحث سبل تعزيز العلاقات اللبنانية–العراقية.
وخلال اللقاء، أشار السفير العراقي إلى رغبة بلاده في تقديم الدعم الكامل للبنان، واستمرار العمل بالتفاهمات التي تم التوصل إليها في الزيارة الرسمية السابقة لعون إلى بغداد، حيث التقى الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
الدبلوماسية كرؤية إصلاحية
تحركات الرئيس عون الخارجية تُقرأ على نطاق واسع كرسالة سياسية باتجاه إعادة لبنان إلى الحضن العربي، بعد سنوات من العزلة والتجاذب الداخلي، وهي زيارات قد تحمل مؤشرات على وجود رؤية جديدة تعتمد على تفعيل السياسة الخارجية كأداة لتعزيز الاستقرار الداخلي، واستقطاب الدعم في الملفات الاقتصادية والمالية الحساسة.
ملفات على الطاولة
في زيارته إلى الجزائر، من المتوقع أن يطرح الرئيس اللبناني ملفات عدة، أبرزها:
التعاون في قطاع الطاقة، خاصة في ظل الأزمة المستمرة في الكهرباء بلبنان.
تشجيع الاستثمار الثنائي في القطاعات الإنتاجية.
بحث فرص دعم لبنان في المحافل الدولية.
تطوير التعاون الأمني والدبلوماسي.
حراك دبلوماسي يعيد رسم المشهد
في ظل تعقيدات الداخل اللبناني، يبدو أن الرئيس عون يسعى إلى إعادة التموضع الإقليمي للبنان من خلال زيارات مدروسة للدول العربية المؤثرة. ويُنظر إلى الجزائر كشريك استراتيجي محتمل، خاصة مع تقاطع المواقف السياسية، والبعد القومي في التعاطي مع أزمات المنطقة.
زيارة الجزائر قد تكون بمثابة بداية لتحريك المياه الراكدة في العلاقات اللبنانية العربية، ورسالة مفادها أن بيروت تبحث عن شركاء حقيقيين لدعم استقرارها ونهضتها.