أعلن الكرملين، السبت، أنه “سيدرس” مقترحًا غربيًا لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، تقدم به حلفاء كييف ويدعو إلى هدنة شاملة لمدة 30 يومًا تبدأ اعتبارًا من يوم الاثنين. وبينما عبّر الجانب الروسي عن استعداده للنظر في الطرح، حذّر من أن “ممارسة الضغط” عليه لن تؤتي ثمارها، بحسب تصريحات أدلى بها المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، لشبكة “سي إن إن”.
وقال بيسكوف إنّ “علينا أن ننظر في ذلك. إنه تطوّر جديد”، مشددًا على أن أي ضغط تمارسه العواصم الغربية “غير مجدٍ”، في موقف يُظهر ازدواجية بين الانفتاح التكتيكي والتمسّك بالمواقف الصلبة التي لطالما طغت على مقاربة موسكو تجاه النزاع الممتد منذ أكثر من عامين.
المقترح جاء بعد محادثات هاتفية جمعت، السبت، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع قادة كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وبولندا، إلى جانب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عقب اجتماع عقده هؤلاء القادة في كييف ضمن ما بات يُعرف بـ”تحالف الدول الراغبة”. وفي بيان نشره مستشار الرئاسة الأوكرانية أندريه سيبيغا على منصة “إكس”، أكد أن “أوكرانيا وجميع حلفائها مستعدون لوقف كامل وغير مشروط لإطلاق النار برًا وجوًا وبحرًا لمدة 30 يومًا على الأقل، يبدأ الاثنين”.
التحرك الغربي المفاجئ يحمل دلالات عديدة، أبرزها سعي كييف وشركائها إلى إظهار حسن النية أمام المجتمع الدولي، في ظل تزايد الضغوط على الجميع لإنهاء الحرب التي أنهكت الاقتصاد الأوروبي وهدّدت الأمن العالمي. كما أن إدراج الرئيس ترامب في مسار الاتصالات – رغم مواقفه السابقة الأكثر تحفظًا تجاه دعم أوكرانيا – يُظهر محاولة إعادة ترتيب أوراق الضغط السياسي مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية.
لكن تبقى الإشكالية الكبرى في قابلية موسكو فعليًا للتجاوب مع هذا المقترح، في ظل الشكوك التي تحيط بجديتها، وارتباط قرارها النهائي بما يتحقق على الميدان لا بما يُطرح على الطاولة. فموسكو تعتبر أن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يراعي “الوقائع الجديدة” على الأرض، في إشارة إلى المناطق التي باتت تحت سيطرتها شرق وجنوب أوكرانيا.
وإذا ما قُبلت الهدنة، فإنها ستكون أول وقف شامل لإطلاق النار منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، ما قد يفتح الباب – ولو بشكل مؤقت – أمام جهود الوساطة التي بقيت معطلة طويلاً بسبب تصلب المواقف المتبادلة، وتداخل الأجندات الجيوسياسية.
ومع إعلان الكرملين نيته “النظر في” المقترح، تتجه الأنظار إلى الأيام المقبلة، حيث ستتضح معالم ما إذا كانت هذه المبادرة تشكل مجرد هدنة تكتيكية، أم بوابة أولى نحو حل تفاوضي طويل الأمد.